المشاهد نت

السؤال الدائم لابن الصحفي المقري .. ماما.. بابا ليه مش موجود؟”

حضرموت – خليل مراد:

تساؤل ابن الصحفي محمد المقري ذي الـ4 أعوام، عن عودة والده الذي اختطفه مسلحو تنظيم القاعدة منذ 3 أعوام، لم يجد إجابة. الوجع وحده يغوص في قلب أمه، كلما هم طفلها بالسؤال مجدداً، وهو إحساس بقية الأسرة التي يتملكها الإحساس بالعجز وفقدان الأمل، مع تخاذل الحكومة، والجهات المعنية بحرية الرأي والتعبير، بما فيها قناة “اليمن اليوم” التي كان يعمل معها مراسلاً.
واختطف المقري، مسلحون تابعون لتنظيم القاعدة، من إحدى استراحات مدينة المكلا، وتم اقتياده إلى مكان مجهول، في 12 أكتوبر 2015، قبل أن يتم اقتحام منزله والعبث بمحتوياته، على خلفية تغطيته لمسيرة تطالب برحيل تنظيم القاعدة من المدينة.
وإزاء هذا الاختطاف، تكتفي أسرة المقري بضبط أوقاتها على مواعيد نشرات الأخبار في القنوات الفضائية، علها تسمع خبراً ينقل لهم عودة غائبهم.

معاناة الغياب

المقري الذي لديه ولدان؛ الأول من زوجته الأولى، يبلغ من العمر 20 عاماً، وطفل في الـ4 من العمر، من الزوجة الثانية، عشق الإعلام، وكتب العديد من التقارير أثناء دراسته، ثم عمل مراسلاً لصحيفة “اليمن اليوم” التي التحق بها عقب افتتاحها بفترة وجيزة، ثم مدير مكتب الصحيفة بحضرموت، والتحق بقناة “اليمن اليوم” عقب افتتاحها بفترة وجيزة.
وتقول زوجة المقري: “لم أعد أحتمل هذه الحياة الصعبة والقاسية. ألم يعصر قلوبنا. فأم تنتظر عودته، وزوجة تعيش على الأمل، وأطفال يكبرون كل يوم دون أب يرعاهم ويحميهم من قساوة الزمان حتى يشتد عودهم”.
وتضيف: “مع كل الهم والحزن الذي أعيشه، أجدني بحاجة إلى مواساة أمه التي كلما سمعت صوتي تبادرني بالسؤال عنه، وكلها شغف أن أحمل لها إجابة مفرحة عن عودة ولدها”.
عقب اختطاف محمد المقري من قبل مسلحين تابعين لتنظيم القاعدة، أثناء سيطرتهم على محافظة حضرموت، في العام 2015، فضلت الأسرة انتهاج طريقة الوساطات كما يفعل الكثير من اليمنيين مع الجماعات المسلحة.
وتقول زوجته: “لم نعلن الأمر حتى عبر قناة “اليمن اليوم”، حتى لا يعتبرها تنظيم القاعدة قناة معادية، ويسيئوا معاملته”.
وعندما فشلت تلك المحاولات، قررت الأسرة التصعيد، ونزلت في تظاهرات ووقفات احتجاجية أمام مقر التنظيم الأمني.

مرارة الخذلان

تناسى الكثيرون قضية المقري، وغيره من المختطفين لدى تنظيم القاعدة، بحسب زوجته، مضيفة أنهم عندما تواصلوا مع قناة “اليمن اليوم”، لتفعيل الموضوع إعلامياً، لم تتفاعل كثيراً، كما هو الحال مع نقابة الصحفيين اليمنيين التي لم تولِ القضية الاهتمام الكافي أيضاً، لكن نائب رئيس فرع نقابة الصحفيين بحضرموت وشبوة والمهرة صلاح مبارك، يقول: “تابعنا وتحركنا في عدة اتجاهات، ولم نكتفِ بإصدار البيانات وإبلاغ الرأي العام، بل تعدت ذلك إلى المتابعة الميدانية مع شخصيات المجتمع المؤثرة في مواقع وأماكن مختلفة، واللقاء بسلطة الأمر الواقع حينها، إلى جانب البحث عن إيجاد قنوات وساطة تسهم بالإفراج عن الزميل المقري، وكان يشارك في هذه المتابعات واللقاءات ممثل لأسرة المقري، لنضعهم في الصورة أولاً بأول، بكل التحركات”.

إقرأ أيضاً  مرصد الحريات يصدر تقرير الحريات الإعلامية السنوي ٢٠٢٣
السؤال الدائم لابن الصحفي المقري .. ماما.. بابا ليه مش موجود؟"
الصحفي المقري

اقتحام منزل الزوجة

تقول الدكتورة أبها باعويضان، وهي الزوجة الثانية للصحفي المختطف المقري: “كان قد مضى عام فقط على زواجنا، عندما اختطفه تنظيم القاعدة وأبعده عنا. كان ابني عز العرب يبلغ من العمر يومها شهرين فقط، والآن عز العرب يشارف الـ4 من عمره (3 سنوات و4 أشهر)، ويسأل دائماً: ماما ليه بابا مش موجود؟ ويكرر على الدوام: “ماما.. بابا متى بيرجع؟ دائماً يسأل عنه، خصوصاً أن كل حديثي معه لما يرجع بابا. صار وقتي مشغولاً بالتعلم والاهتمام بطفلي. أحاول أن أشغل وقتي لعلي أهرب من همي أو حزني”.
واقتحم مسلحو تنظيم القاعدة منزل أبها، وأخذوا كل الأوراق التي عثروا عليها، من بينها عقد زواجها، والهواتف النقالة، وبطاقات الذاكرة التي تحتوي على صورها من غرفة نومها، كما يقول شقيقها أمير باعويضان.
ويقول: “عندما عرف أهلي أن تنظيم القاعدة اقتحم منزل شقيقتي، جاؤوا مسرعين إلى منزلها، لكن لم يسمح المسلحون لهم بالدخول إلى المنزل”.

مصير مجهول

قبل أيام من سيطرة القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي على محافظة حضرموت، تمكنت قيادة فرع النقابة، ضمن مساعيها، من مقابلة شخصية مؤثرة في إحدى مدن الساحل، وطرحت عليه قضية اختطاف الزميل محمد المقري، إلى جانب الزميل أمير باعويضان، وآخرين، ومطالبة هذه الشخصية الاجتماعية والدينية بالتدخل لدى عناصر تنظيم القاعدة، والضغط عليهم للإفراج عن الزملاء أو إتاحة الفرصة للنقابة بالتواصل مع أسرهم حتى هاتفياً، بحسب مبارك، الذي يعتبر أن هذا الأمر مطلب إنساني.
ويقول: “كنا نشعر بالتفاؤل أن الأمور ستسير بالاتجاه المطلوب، وبالفعل تم السماح لأحد المختطفين بالاتصال بأسرته، إلا أن الأحداث تسارعت في ما بعد، وتهاوى حكم تنظيم القاعدة، وتم دحر عناصره من المكلا والساحل الحضرمي بشكل كامل، وتم الإفراج عن المختطفين، باستثناء الصحفي المقري، ومن يومها لم نعرف شيئاً عن مصيره الذي يكتنفه الغموض حتى الآن، وما إذا كانت قد أخذته عناصر القاعدة معهم لدى مغادرتهم المكلا”.
ومن بين الذين أفرج عنهم بعد سيطرة القوات الحكومية على مدينة المكلا، أمير باعويضان، مراسل قناة “أزال”، والمصور التلفزيوني أكرم اليماني، فيما ظل مصير المقري مجهولاً.

مقالات مشابهة