المشاهد نت

في تعز المحاصرة … منافذ العبور تفاقم معاناة السكان

تعز – سالم الصبري:

يضطر محمد عقلان إلى عبور الطريق الترابي الوحيد الذي يصل وسط مدينة تعز بمنطقة الحوبان شمال شرق محافظة تعز، ومنها إلى صنعاء، لإجراء عملية جراحية معقدة في القلب في أحد مستشفيات العاصمة، بسبب استمرار الحصار المفروض على المدينة، من قبل مسلحي جماعة الحوثي، منذ 3 أعوام.
الرجل السبعيني لا يعرف شيئاً عن مفاوضات السويد، وكل همه أن تأتي زيارته المقبلة للطبيب المعالج في صنعاء، وقد زالت الحواجز أمام المسافرين، وفتحت المنافذ الأساسية، دون الحاجة إلى السفر عبر الطرق الفرعية التي عانى منها كثيراً، حسب قوله لـ”المشاهد”.
قبل السفر إلى صنعاء، يقطع عقلان مسافة كبيرة تستغرق منه 5 ساعات، يمر خلالها بطرق ترابية وعرة، تبدأ من وسط مدينة تعز إلى منطقة الضباب غرباً، مروراً بمديريتي المسراخ والأقروض، ومن ثم إلى أطراف مديرية الدمنة جنوباً، وصولاً إلى الحوبان شرق المدينة، في ظل استمرار إغلاق الحوثيين للممرات القريبة التي كان المسافر يقطعها في ظرف 20 دقيقة فقط.
معاناة السكان مع معابر المدينة
تتكرر المعاناة اليومية للآلاف من سكان المدينة الذين باعدت الحرب بين أسفارهم، وضاعفت أوجاعهم، دون أي أمل يلوح في الأفق لإنهاء هذه المأساة، فمنذ إغلاق الطريق المؤدي من وسط المدينة عبر حوض الأشراف، إلى الحوبان، أصبحت حياة أحمد حسن جحيماً، على حد وصفه لـ”المشاهد”.
أحمد الذي يعمل في أحد مصانع مجموعة شركات هائل سعيد أنعم بالحوبان، لأكثر من 12 عاماً، بنى له منزلاً صغيراً بالقرب من منزل والده في منطقة بئر باشا غرب تعز، كان يقطع المسافة بنصف ساعة كل صباح من منزله إلى مقر عمله، حالياً يضطر لقطع كل تلك المسافة للوصول إلى مقر عمله في الحوبان، الأمر الذي أجبره على البحث عن شقة للإيجار بالقرب من عمله، لكن زوجته رفضت الانتقال معه، مفضلة البقاء بالقرب من أهلها للعمل على خدمتهم، وهو ما يعني استمرار معاناته إلى أجل غير مسمى.
ويقول العقيد عبد الباسط البحر، الناطق الرسمي لمحور تعز، لـ”المشاهد”: “معاناة سكان تعز تفوق الخيال والقدرة على الاحتمال، مع إهمال وتعمد تجاهلها من قبل المنظمات الأممية، وعدم إدراجها كبند أساسي وقضية رئيسية منفصلة في مشاورات السلام بالسويد”، مؤكداً أن المدينة تعاني من الحصار وإغلاق منافذها الرئيسية أمام حركة وتنقلات المواطنين، وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية إليها، عبر منافذها الرئيسية.
استمرار إغلاق المعابر لا يثير قلق الأمم المتحدة ومندوبها ومنظماتها العاملة، بحسب العقيد البحر، مشيراً إلى أن معاناة سكان تعز مع الحصار المفروض عليها لا تحرك الضمير العالمي والإنساني تجاهها، ودون اهتمام كافٍ من الشرعية والتحالف إزاء هذا المعاناة المتفاقمة والكارثية على سكان المدينة المنكوبة.

إقرأ أيضاً  حرمان المرأة العمل بسبب الزوج

محاولات فاشلة لفك الحصار

بدأت معاناة السكان في معبر منطقة الدحي غرب مدينة تعز، حينها خنق السكان وضيق عليهم عيشهم، وصعب من دخول الغذاء والدواء، وبعد تحرير الدحي من قبضة الحوثيين، تكررت المعاناة مع قطع الشريان الوحيد لمدينة تعز، المتمثل بخط الضباب، ما جعل أبناء المدينة يتسلقون الجبال بالحمير والبغال، وعلى الأقدام، واحتياجاتهم فوق ظهورهم، بحسب الصحفي عبدالله المعمري، مؤكداً لـ”المشاهد” أن الناس ابتكروا طريقاً جبلية جديدة اسمها طالوق في جبل صبر المطل على مدينة تعز، لتجاوز منفذ المدينة الغربي المغلق، وبعد تحرير الضباب من قبضة الحوثيين، أغلقوا أطراف المدينة المؤدية إلى مدن ومناطق أخرى في تعز، ومنها إلى محافظات أخرى.
وجرت العديد من المحاولات والمشاورات لفتح معابر إنسانية لتسهيل حركة المواطنين وإدخال المواد الغذائية والأدوية والإغاثات إلى مدينة تعز، وعبر الطريق المؤدي للحوبان من وسط المدينة، وتحديداً من جولة القصر، لكنها جميعها باءت بالفشل، وحالت دون تخفيف وطأة المعاناة، لتستمر حالة الحصار الشنيع الذي أذاق سكان تعز جرعات مضاعفة من الويل، بحسب المعمري.

الأنظار تتجه إلى السويد

تتجه أنظار سكان المدينة المحاصرة صوب السويد، حيث تقام المشاورات بين وفد الحكومة ووفد جماعة الحوثي، برعاية أممية، لبحث سبل السلام والتوصل لحل سياسي لإيقاف الحرب ورفع المعاناة من خلال رفع الحصار الخانق لمدينتهم، لكنهم في المقابل يستغربون عدم طرح حصار مدينة تعز بقوة في أجندة المشاورات، وفق ما يصلهم من أخبار عن مجريات المفاوضات التي ركزت حتى الآن على مطار صنعاء وميناء الحديدة، والأسرى، بحسب محمد جازم، أحد سكان المدينة.
ويضيف جازم لـ”المشاهد” أن وفد الحكومة لا يعمل بجدية من أجل فتح الحصار عن تعز، رغم سلبيات هذا الحصار الذي حرم سكان المدينة من سبل العيش، وعزل بين المدينة وريفها.

مقالات مشابهة