المشاهد نت

الدورات الثقافية للحوثيين…استغلال حاجة الموظفين للمال

صنعاء – حسان محمد:

اعتاد مصلح أحمد، على الذهاب إلى الدورات الثقافية التي تقيمها جماعة الحوثي للموظفين الحكوميين، مقابل تقاضيه 20 ألف ريال في كل دورة تستغرق منه أسبوعاً كاملاً، لا يعرف خلالها أين هو، ولا يرى فيها الشمس، بحسب حديثه لـ”المشاهد”، مضيفاً: “يأخذوننا بالليل عبر حافلات معكسة لا نرى من خلالها أي شيء، ولا يخبروننا عن المكان الذي سنذهب إليه. واستمرت الحافلة تسير بنا ما يقارب الخمس ساعات، حتى وصلنا إلى بدروم منزل التقينا فيه بموظفين من مختلف قطاعات الدولة”.

استغلال حاجة الموظفين

حضور مصلح ليس حرصاً على الاستفادة من المحاضرات التي تقدم فيها، أو حباً بجماعة الحوثي ومعتقداتها التي لا يؤمن بها، كما يقول، ولكن للحصول على العائد المالي، بالإضافة إلى القات المجاني الذي يقدمونه بالدورة، ووجبات الطعام السخية التي حرم منها الموظفون طيلة فترة انقطاع الرواتب، وهو ما يفعله كمال نصر (مؤهل ابتدائي) الذي يعمل مراسلاً في إحدى المؤسسات الحكومية، لكنه يختلف عن مصلح من حيث القناعة بفكر الجماعة، فهو يعود من الدورة الثقافية متحمساً، ويحاول أن يعقد حلقات توعوية لزملائه بالعمل عن فكر الحوثيين وما لقوه من حفاوة وكرم بالتعامل.
وحرمت جماعة الحوثي موظفي الدولة من المرتبات، بحجة عدم توفر الإيرادات، لكنها استغلت أوضاعهم لإحضارهم إلى دورات تكريس الطائفية ومنهجهم المذهبي، فكثير من الذين يحضرون الدورات بدافع الحاجة المادية، وليس الرغبة في المحاضرات ذاتها، بحسب أحمد النعماني (خطيب جامع)، مضيفاً لـ”المشاهد”: “خلال الدورة يقوم الحوثيون باستقدام عناصرهم العقائدية لتدريس ملازم حسين بدر الدين الحوثي، وهذه الدورات تستقطب الأشخاص الذين يكونون قريبين لهم في الفكر، أو متعصبين لروابط معينة تجمعهم، أو الأشخاص محدودي التعليم والثقافة الذين يسهل إقناعهم”.

المال العام في خدمة الحوثيين

يستخدم الحوثيون المال العام والضرائب في تنفيذ الدورات الثقافية التي تبدأ كل أربعاء، وتستمر من 5 إلى 10 أيام، وإقامة مناسباتهم، وفق ما أكده تقرير الفريق الأممي الخاص باليمن، والمكلف بموجب قرار مجلس الأمن 2342 في 2017، الذي يوضح أن الحوثيين يجمعون الضرائب ويبتزون التجار ويصادرون الممتلكات، وأن ما لا يقل عن 407 مليارات ريال يمني (1.62 مليار دولار أمريكي) من أموال الدولة وإيراداتها غير الضريبية.
وبحسب التقرير، فإن توزيع الوقود والمنتجات النفطية أحد المصادر الرئيسة لإيرادات الحوثيين بعد إنهائهم احتكار شركة النفط، بالإضافة إلى استخدامهم موزعين في سوق سوداء يخضعون لسيطرتهم.
وقدر التقرير إيرادات الحوثيين من السوق السوداء لبيع المنتجات النفطية التي سلمت في ميناءي الحديدة ورأس عيسى على البحر الأحمر، بحوالي 318 مليار ريال يمني، ما يعادل ملياراً و270 مليون دولار، خلال الفترة بين مايو 2016 ويوليو 2017.

إقرأ أيضاً  عمالة الأطفال في رمضان

دورات غسل الدماغ

وربط الحوثيون الوظيفة العامة والتعيينات الإدارية والمستحقات المالية بالقطاعين المدني والعسكري، بالحضور والمشاركة بالدورات الثقافية، وقد وصلت هذه الفعاليات ذروتها خلال تحالف الحوثي/صالح، وذلك لاستقطاب عناصر حزب المؤتمر الشعبي العام، كما يقول كامل الخوداني الذي ينتمي إلى حزب المؤتمر الشعبي العام، في منشور له على “فيسبوك”، ويشير إلى أن الحوثيين استخدموا الدورات الثقافية أو الفكرية في عمليات التعبئة وغسيل الدماغ للشباب وصغار السن والموظفين المدنيين بالوزارات والمرافق الحكومية، ويفرضونها على الأفراد والضباط في الجيش والأمن.
مشاركة الناس في هذه الدورات التي تنظمها جماعة الحوثي خطيئة لا تغتفر، فدورات التعبئة الخاطئة تمزق البلد، ولا يرتجى خير من فكر الهاشمية السياسية، بحسب الأكاديمي والإعلامي الدكتور فيصل علي، الذي يقول لـ”المشاهد” إن حضور الناس قد يكون للانتفاع المادي، وقد تبرره مخاوفهم، والخوف مهلكة في كل الحالات، فمن خاف وحضر اضطر للسماع ثم للتظاهر بالرضا، ثم يتعود على سماع الباطل.
ويؤكد فيصل علي أن الدورات تستطيع تغيير مفاهيم الناس مع المدى البعيد، وخاصة في أوساط بؤر الجهل في المجتمع، وفرض الدورات الثقافية سيؤثر على قطاع أكبر من العوام، خاصة مع طول فترة الحرب، وتسرب الطلاب من المدارس، والإحباط الذي يعانيه الناس من الحرب عموماً، ومن تأخر الشرعية ومماطلتها والتحالف في إنجاز الحسم، وترك المواطنين تحت نيران الهاشمية السياسية ذات العداء التاريخي لليمن.

مقالات مشابهة