المشاهد نت

بالفيديو – سفيان نعمان: “نحاول أن ننتج شيئا من لا شيء”

صنعاء- فارس قاسم :

لم يستسلم الشاب اليمني سفيان عبدالرحمن نعمان (44 عاماً)، للظروف الصعبة التي عصفت به منذ تسريحه بداية الحرب من عمله في شركة خاصة بصنعاء، أغلقت أبوابها كمئات الشركات الخاصة.
وقذفت الحرب المستمرة في اليمن منذ نهاية مارس 2015، بمئات الآلاف من اليمنيين إلى صفوف العاطلين، وتسبب تصاعدها منذ العام 2014 بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حسب توصيف الأمم المتحدة.
بحث سفيان نعمان طويلاً عن فرصة عمل جديدة دون جدوى،“كغيري من العاطلين شعرت بأنني ضايع”، كما يقول.
لكنه قبل أكثر من عام أسس مشروعه الخاص، متحدياً الصعوبات التي ما زالت تلاحقه حتى اللحظة.
ومنذ ذلك الحين، يتخذ سفيان سطح منزله وسط العاصمة صنعاء، وبإمكانيات بسيطة، مكاناً لإعادة تشكيل إطارات المركبات المستخدمة (التالفة)، وتحويلها بعد تقطيعها وطلائها إلى قطع وأشكال فنية جميلة، مفيدة للبيئة اليمنية، والمجتمع.
يقول سفيان، في قصة مصورة لموقع “المشاهد”: “أعمل من هذه الإطارات أشياء كثيرة، منها مزهريات وكراسي وطاولات (أثاث) وأوانٍ للنباتات وألعاب أطفال، وأشكال ومجسمات جمالية مختلفة. أستطيع نحت وتشكيل الإطار وتحويله إلى أي شيء، أحياناً حسب طلب الزبون”.
ويوضح أن الفكرة استغرقت منه وقتاً طويلاً، وأن ميوله الفني إلى الرسم والنحت ساعده كثيراً في تشكيل الإطارات كل بما يناسبه، للحصول على منتجات إبداعية متينة ذات جودة صالحة للاستخدامات المختلفة في المنازل والشركات والمدارس وغيرها.

بالفيديو - سفيان نعمان: “نحاول أن ننتج شيئا من لا شيء”
اطارات قديمة تم تحويلها الي كراسي

“صابرين على كل المحن”

ينحدر سفيان نعمان من أسرة يمنية عريقة تصدرت مسار الحركة الوطنية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وهو أحد أحفاد الشاعر اليمني الكبير عبدالله عبدالوهاب نعمان.
يقول الشاب الأربعيني إنه يهدف من مشروعه المتواضع هذا إلى خدمة وطنه أيضاً، وتحديداً في الجانب البيئي المهمل، من خلال توظيف الإطارات المستعملة بطريقة فنية، بدلاً من حرقها، الأمر الذي يتسبب بأمراض خطيرة وتلوث البيئة.
ولا يخفي سفيان القول بأن عمله مرهق جداً، لكنه فخور لنجاحه في تحدي قسوة الظروف الحالية، فضلاً عن أنه لفت الأنظار إلى ما ينجزه من أعمال فنية، بينها تلك التي تم وضعها (مزهريات) في أحد شوارع صنعاء، بدعم من مركز التوعية البيئية في العاصمة، الذي يأمل بشراكة مثمرة معه.
يتابع سفيان نعمان، وهو أب لثلاثة أطفال: “أرباحي ليست مالية نهائياً. ربحي الأكبر أنني لم أحتكر هذه الحرفة، ودربت شباناً نزحوا بسبب الحرب من محافظات يمنية مختلفة، إلى صنعاء، وأصبح لديهم حرفة سيعيشون منها”، في إشارة إلى 10 أشخاص على الأقل اكتسبوا الحرفة على يديه.
لكنه لم يستطع إخفاء غصته بسبب ضعف الإقبال على شراء منتجاتهم: “صابرين على كل المحن”، يقول سفيان.
وأثنى محمد يحيى فارع، وهو أحد المستفيدين من المشروع منذ أن نزح بسبب الحرب من مدينة الحديدة إلى صنعاء، قبل أشهر، على جهود سفيان نعمان معه وغيره من الشباب.
أضاف الشاب لموقع “المشاهد”: “نريد من يتبنى هذا المشروع، سواء منظمات دولية أو محلية، وحتى منظمات مهتمة بالبيئة”.

إقرأ أيضاً  تهريب القات إلى السعودية... خطوة نحو المال والموت
بالفيديو - سفيان نعمان: “نحاول أن ننتج شيئا من لا شيء”
تحويل الاطارات القديمة للسيارات الي اشكال لديكور منزل

ندعو للسلام

ويؤكد سفيان، أنه بدأ هذا العمل وما يزال بجهود شخصية، باستثناء الدعم المحدود الذي تلقاه من بعض أقاربه، وتحديداً شقيقته، وبعض الأصدقاء.
“معظم الإطارات أحصل عليها من أصدقاء. أيضاً شجعت أطفال الحي الذي أقطنه على ضرورة الحفاظ على البيئة وعدم حرق الإطارات، بالتالي أصبحوا يجلبونها إليّ، وأدفع لهم مبالغ رمزية”، قال سفيان، بينما كان أحد الأطفال، ويدعى سعد محمد (12 عاماً)، يطرق باب منزله جالباً معه إطارين عثر عليهما في أحد الشوارع.
وسفيان واحد من ملايين اليمنيين الذين طالتهم تداعيات الحرب الكارثية في البلاد، واضطرتهم لبيع مقتنياتهم الثمينة، من أجل توفير لقمة العيش.
“غالبية اليمنيين وضعهم المعيشي سيئ جداً. أنا بعت مقتنيات ثمينة خاصة بينها سيارتي للإنفاق على أسرتي، وأيضاً لتجهيز جزء من ورشتي هذه”.
لكن رغم كل المنغصات والعراقيل، يبدي سفيان ثقة عالية بنفسه قائلاً: “نحاول أن ننتج شيئاً من لا شيء”.
وعن طموحه قال: “أطمح إلى توسيع مشروعي، ونقله إلى مكان مستقل بدلاً مما هو عليه الآن في سطح منزلي، وتدريب أكبر عدد من العاطلين على هذا العمل”.
وأشار إلى أن إمكانياته الحالية لا تسمح بتحقيق هذا الهدف، لذلك يأمل دعم الجهات والمنظمات المعنية.
ويختتم حديثه قائلاً: “أدعو كما يدعو كل اليمنيين، لوقف الحرب الحالية، وندعو للسلام”.

أسوأ الأيام

بالفيديو - سفيان نعمان: “نحاول أن ننتج شيئا من لا شيء”

يذكر أن والدة سفيان عبدالرحمن نعمان، وعمه عبدالجليل نعمان استشهدا، بالهجوم الإرهابي المروع الذي شنه تنظيم القاعدة على مستشفى العرضي (مجمع وزارة الدفاع) بصنعاء، أواخر عام 2013، بينما كانا يتلقيان العلاج.
وخلف ذلك الهجوم أكثر من 200 قتيل وجريح، غالبيتهم من المرضى المدنيين والأطباء.
مرت قرابة 6 سنوات على تلك المجزرة الإرهابية، إلا أن الجراح في اليمن لم تندمل بعد.
وبالنسبة لسفيان نعمان – كما هو حال أقارب الضحايا الآخرين – ذلك من أسوأ أيامهم على الإطلاق.

 

 

مقالات مشابهة