المشاهد نت

فى زمن الحرب.. فرحة العيد لم تزر أطفال اليمن

المشاهد-نجيب بن صالح -خاص:
يتجمع العشرات من الأطفال أمام مختلف مراكز بيع الملابس في العاصمة صنعاء، ويطلبون مرتادي هذه المراكز من رجال ونساء بأن يشتروا لهم كسوة العيد، وعلى الرغم من أن طلبهم هذا لا يستجاب إلا أن اليأس لا يتسلل إلى قلوب هؤلاء الأطفال الذين يستمرون ليل نهار يرددون نفس الطلب على زوار مراكز بيع الملابس بالعاصمة صنعاء.

أطفال: نُريد أن نفرح
الطفل ريان عبدالكريم يقول لـ”المشاهد”: “أبي فقير ولم يستلم الراتب لكي يشتري لي ولإخوتي الستة ملابس العيد، وأنا أحاول أن أجد فاعل خير يشتري لي كسوة العيد”.
ريان يرى أن فرحته بالعيد لا تكتمل إلا بلبس الجديد، ويشاطره الرأي الطفل أحمد عبدالرحمن ويقول لـ”المشاهد”: “إذا ما “فيش” “بمعنى لا يوجد” ملابس جديدة ما فيس عيد، فنحن نفرح بالعيد لأننا نلبس الجديد ونخرج إلى الشارع للعب مع أصحابنا ونحن نلبس الملابس الجديدة”.
هذه الفرحة العيدية باتت لا تزور الكثير من أطفال اليمن بسبب الحرب التي قضت على كل شيء وسلبت اليمنيين حتى فرحتهم.

أباء عاجزون عن صناعة فرحة العيد على وجوه أطفالهم
من جانبه المواطن مسعد البيضاني يقول لـ”المشاهد”: “نحن الكبار لا نهتم بأن نلبس الجديد أو القديم في العيد، لكن الأطفال لا يعرفون أننا في أزمة وأن توفير لقمة أهم من ملابس العيد، لذا نجد أنفسنا في هم كبير لتوفير فرحة العيد لأولادنا، ففي العام الماضي كان لدي مولد كهربائي وثلاجة عرضتهم للبيع واشتريت ملابس لأطفالي، لكن هذا العام والله لا أجد ما أبيعه لتوفير الفرحة لأطفالي الذين يطالبوني كل يوم بملابس العيد”.
يذرف المواطن مُسعد الدموع على واقعه الذي جعله عاجزاً عن رسم الفرحة على وجه أطفاله، لكن حاله هذا هو حال الملايين من أرباب الأسر اليمنية الذين وجدوا أنفسهم غير قادرون على إدخال الفرح إلى بيوتهم بفعل الحرب والفساد وغياب الضمير الإنساني لدى أطراف الصراع التي لا تكترث لمعاناة شعبٍ بات يرزح تحت وطأة الفقر والجوع.

مراكز بيع ملابس الأطفال.. إقبال دون شراء
بدوره محمد عبدالله أحد العاملين في مركز لبيع ملابس الأطفال، يقول لـ”المشاهد” إن هناك إقبال كبير على محلات ومراكز بيع ملابس الأطفال، لكن عملية البيع والشراء طفيفة جداً، خاصة أن الأسعار مرتفعة وعادة ما يكون أقل سعر لملابس طفل واحد فقط هو ستة الآلاف ريال، وهذه الرقم يبدو صعباً للغاية أمام الكثير من الأسر اليمنية، خاصة الأسر التي لا يقل عدد أطفالها عن سبعة أطفال.

إقرأ أيضاً  دور المرأة اليمنية في مواجهة تغيرات المناخ

ركود في الموسم
من جانبه مختار الحمادي مسؤول أحد مراكز بيع الملابس الرجالية يقول لـ”المشاهد”: “نعاني من الركود في الموسم، وتمر الساعات ولم يزرنا حتى زبون واحد، وفي أغلب الأيام نبيع قطعة أو قطعتين”.
ويشير إلى أن الرجال الأقل شراءً للملابس في ظل هذه الأوضاع وكل ما يهمهم هو توفير الملابس لأطفالهم الذين يشعرون بأن فرحة العيد هي ارتداء الملابس الجديدة.

جمارك وضرائب وإتاوات غير قانونية
ارتفاع الأسعار بصورة جنونية هدا العام يبررها تجار الملابس بهبوط العملة الوطنية وارتفاع سعر الدولار وانعدامه من سوق الصرف، إلى جانب تحديات الاستيراد المرتبطة بالتحديات الأمنية وغيرها، فضلاً عن زيادة الضرائب والاتاوات غير القانونية التي تمارس ضد مختلف التُجار بما فيهم تجار الملابس، وفي ذات السياق يقول مالك أحد المراكز التجارية للملابس التجارية لـ”المشاهد” إنه دفع 80 مليون ريال للجمارك التابعة لجماعة الحوثي في محافظة ذمار بعد أن كان قد دفعها في الميناء، ويشير إلى أنه ظل يتفاوض مع الحوثيين في ذمار لمدة أسبوع لإدخال بضائعه إلى صنعاء إلا أنه لم يتمكن من ذلك ليدفع في النهاية 80 مليون ريال، ويؤكد أن هذا المبلغ سيدفعه المستهلك لأنه يُضاف إلى قيمة السلعة، الأمر الذي يزيد من مضاعفة الأسعار.

ممارسات تنعكس سلباً على الوضع المعيشي والاقتصادي للمواطن
تضاعف الأسعار وانعدام الدخل يُجبر العديد من الأُسر اليمنية إلى إلزام أطفالها بارتداء ملابس السنة الماضية وإن كانت قديمة، وفقاً للباحث الاقتصادي عبدالعزيز فؤاد ويشير لـ”المشاهد” إلى أن أسواق الملابس باتت تُعاني من غياب الجودة المقترنة بضعف القوة الشرائية، الأمر الذي يُكلف الأُسر إنفاق أموالها على سلع رديئة، مما ينعكس سلباً على الاقتصاد.
ويؤكد فؤاد أن غياب الرقابة واتساع الفساد والممارسات غير القانونية المتمثلة بفرض ضرائب وجمارك وإتاوات غير قانونية يزيد من مفاقمة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، حيث بلغ عدد من يحتاجون إلى العون الإنساني 22.2 مليون نسمة من أصل 27 مليون نسمة وفقاً لبيانات منظمات الأمم المتحدة.

أجيال المستقبل في خطر
أوضاع مأساوية يخلفها الصراع في اليمن، ويُنذر بكوارث إنسانية من الصعب احتوائها، ويعيش أجيال المستقبل حالة من التعقيد الذي يهدد بناء شخصيتهم، حيث بات أغلب الأطفال يتسولون الناس لتوفير المأكل والملبس وآخرون باتوا وقوداً لمعارك القتال التي يتم الزج بهم فيها دون رحمة.

مقالات مشابهة