المشاهد نت

مخرج اذاعي كبير حولته الحرب الى سائق باص أجرة.. تفاصيل موجعة

المشاهد-خاص:
ثلاث سنوات من عمر المخرج الإذاعي الأربعيني سمير المذحجي، أو ما يعرف لدى الأطفال بـ”بابا سمير” انتهت بالعمل في باص أجرة، بعد أن تم اقصاءه من عمله في إذاعة صنعاء التي لم يكن يفارقها إلا في ساعات النوم، فهو كالسمكة التي تعيش في الماء، وماءه العمل كما يقول لـ”المشاهد” مستدركا بحزن :” حاولت البحث عن عمل في بعض الفضائيات ،أو الإذاعات، ولم أفلح في ذلك، بسبب أني لا انتمي لأي حزب سياسي، وهذه القنوات أغلبها حزبية، وحزبي الوحيد هو الوطن فقط، امقت تمجيد الأشخاص واستهجن الدعاية لأي حزب”.

مخرج اذاعي كبير حولته الحرب الى سائق باص أجرة.. تفاصيل موجعة
لم يترك المذحجي مكانا إلا طرقه، عسى أن يجد عملا لإطعام أطفاله الثلاثة، لكنه فكل مرة يفشل في ذلك، حتى الجامعات الخاصة لم يتركها، ربما هناك يجد بغيته، ربما يقبل فيها كأستاذ لمادة الإخراج والإنتاج، لكنه ككل مرة لم يتوفق في ذلك، المرة الوحيدة التي تقدم فيها وقبل للعمل هي مدرسة خاصة كما يقول، لكن براتب 25 ألف ريال شهريا (حوالي 60 دولارا أمريكي) لا تكفي مصاريف المواصلات، الأمر الذي جعله يرفض عمل كهذا.

مخرج اذاعي كبير حولته الحرب الى سائق باص أجرة.. تفاصيل موجعة

رحلة البحث عن عمل.
الرجل الذي اعتاد العمل ليل نهار ظل حبيس منزله في صنعاء، دون القدرة على دفع الايجار، ما زاد من عزلته وضجره من عبثية الحياة، لكنه حاول أن يكسر الملل الذي دب في حياته من اللحظة الأولى التي ترك فيها العمل، وراح خلال هذه السنوات الثلاث الضائعة من عمره الوظيفي يعمل على تنشيط مواهبه وقدراته التي كانت قد خفتت في حياته، وهي ممارسة
رياضة كرة القدم من خلال قيامه بتنظيم دوري للحارات بمساعدة ابنه الأصغر هيثم ونجح مع شباب الحارات بتنفيذ عدة دورات، وانتقل إلى تنشيط وبعث موهبته في تصميم وتنفيذ نوافير وشلالات وتنسيق حدائق، وتصميم وتركيب اسرة وديكور للغرف، وتنفيذ أعمال سباكة مياه تمديدات كهربائية (تسليك)، وتركيب أجهزة كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية وتصميم منازل، كونه متمكن في الرسم الهندسي، لكن كل هذا لم يخرجه من عزلته في المنزل، فالأطفال بحاجة للعيش والطعام، وهذه الأمور كلها لا مردود لها، الأمر الذي دفعه إلى بيع منزله في محافظة تعز الواقعة جنوب العاصمة صنعاء، وشراء بثمنها باص أجرة، عسى أن يحقق بذلك مردود مادي لأولاده، ومواجهة متطلبات الحياة التي تضيق مع مرور الأيام، والشهور والسنوات.

إقرأ أيضاً  خمس نصائح طبية لمرضى القولون العصبي في رمضان

مخرج اذاعي كبير حولته الحرب الى سائق باص أجرة.. تفاصيل موجعة
المذحجي ما زال يتدرب على تفاصيل وقوانين هذه المهنة “سائق دباب”، فهي مهنة بحسب وصفه، تحتاج لمهارات ومواقيت وأماكن مدروسة، الطريف في الأمر أن دخله اليومي من العمل بالباص لا يتعدى 3 آلاف ريال، وأحيانا أقل من ذلك، وبالكاد تكفي مصروف البيت، وتبقى المشكلة الأسبوعية أمامه، هو نفاد الوقود “عندما يكمل الوقود نهاية كل أسبوع “ياجناه” أحتاج لسبعة آلاف كي اتزود بالوقود، فلا أجد هذا المبلغ”، يقول المذحجي، متابعا “الآن تعلمت بأنه يجب تخصيص مبلغ للوقود من كل دخل يومي”.

الإبداع يتوه في زحمة الحياة
عمل المذحجي بعد حصوله المرتبة الأولى في شهادة إتمام المرحلة الثانوية على مستوى الجمهورية، وحصوله على بكالوريوس إعلام “إذاعة وتلفزيون” عمل كاتب ومخرج وسيناريست، ومؤلف وسيناريست لدراما الأطفال في التلفزيون اليمني، أشهرها مسلسل “كشكوش” 150 حلقة، “حلقة خاصة بالأطفال، ورئيس الملتقى الإعلامي لمساندة الطفولة “طفولتي” سابقا، ومدرب إعلامي في مجال الاخراج والإنتاج بحسب سيرته الذاتية، والتي أوضحت أنه ألف وأخرج 15 مسلسل إذاعي خاص بالأطفال والشباب، واعداد وإخراج عدد من البرامج الإذاعية، وحصل على العديد من الجوائز، ومنها الجائزة الدولية لحقوق الطفل في العام 2008، ودرع التميز والإبداع من المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون في العام 2004، وجائزة من مهرجان تونس للإذاعة والتلفزيون عام 2004، وجائزتان من مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون في العام 2003، وشهادتا تقدير من رئيس الجمهورية للتفوق العلمي والإبداع الإذاعي في عامي 1988، و1994، وحصل على 15 شهادة ثناء وتقدير من مؤسسات مختلفة.
ويقول المذحجي أنه شارك في أكثر من عشرين دورة وورشة عمل خاصة بإعلام الطفل، وناشط في مجال حقوق الطفل بالتعاون مع مكتب منظمة اليونسيف، مكتب اليمن، ومدير للإنتاج والإخراج بإذاعة صنعاء ما بين الأعوام 2011، 2013، لكنه اليوم يجد نفسه وحيدا في بحر الحياة التي يصعب مصارعتها في ظل الحرب التي عرضت حياته وحياة ملايين اليمنيين للحاجة والفقر.

 

 

 

مقالات مشابهة