المشاهد نت

كتائب التكهير فى اليمن وحرب إسكات الصوت الآخر “تقريرخاص”

المشاهد-خاص:

في منتصف يونيو الماضي وبينما كان الصحفي اليمني أسامة فراج يتصفح بريده الالكتروني فوجيء برسالة من شركة جيميل تحذره من محاولة لإختراق حسابه من قبل جهة مجهولة وطالبته باتباع بعض إجراءات الأمان الإلكتروني تجنباً لمسألة سرقة بياناته.

وكتب فراج حينها ساخراً عبر حسابه الشخصي علي موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “جهة مجهولة تسعى لاختراق بريدي الإلكتروني أليس من الأسهل عليهم أن يتصلوا بي مباشرة لأعطيهم كلمة السر”.

الرسالة التي تلقاها الصحفي أسامة فراج هي ذاتها التي وصلت لعشرات الصحفيين والناشطين خلال الآونة الأخيرة، ما يشير الى وجود حملات إلكترونية منظمة تسعي أطراف خفية من خلالها لاختراق حسابات الصحفيين والنشطاء وإسكات أصواتهم.

إسكات صوت الحقيقة

يفسر الصحفي أسامة فراج الهجمات التي يتعرض لها الصحفيون والنشطاء وحتى المواقع الإخبارية في اليمن بأن محاولة دنيئة من قبل جماعة الحوثي هدفها إسكات صوت الحقيقة وحجب الصورة أمام شعوب العالم حتى لايشاهدوا الجرائم التي يرتكبها الحوثيون بحق أبناء الشعب اليمني.

ويضيف في حديثه لـ”المشاهد” أن الحوثيين يعتمدون سياسة إخراس أصوات معارضيهم الذين ينقلون مجريات الاحداث في البلاد لإضعاف تلك الأصوات والاقلام التي تنقل الحقيقة وتكشف فضاعة مايرتكبونه من انتهاكات مستمرة.

ويشير الى أن الحوثيين استولوا على حساباته السابقة في مواقع التواصل الإجتماعي وقاموا باغلاقها بعد اعتقاله من قبل مسلحي الجماعة بمحافظة حجة قبل نحو عامين ونصف ونهب حاسوبه وتلفونه الشخصي.

ويؤكد بأن الحوثيين لديهم مجموعة من الهكرز المدربين يعملون وفق أجندات خاصة هدفها اختراق مواقع المعارضين، وإسكات المناوئين بالاضافة الى امتلاكهم جيشاً الكترونياً يقوم باخلق البلبلة والترويج للإشاعات والأكاذيب والتبليغ عن حسابات شخصيات ومواقع إخبارية معارضة لإيقافها.

حرب فيسبوكية

وتعرضت صفحات العشرات من الصحفيين والناشطين على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” مؤخراً الى عمليات قرصنة من قبل هكرز مجهولين بشكل أثار حفيظة الناشطين الذين وصفوا مايحدث بالحرب الفيسبوكية.

ومن بين من تعرضت حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً لمحاولات اختراق الأديبة والصحفية أروى عبده عثمان والصحفية نجلاء نعمان والشاعرة سماح الشغدري عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين والإعلامية أماني علوان والصحفي شوقي اليوسفي والناشط أكرم جهلان والكاتب الصحفي سام الغباري إضافة الى الصحفي أنيس منصور.

وتتشابه غايات التكتيكات التي تستخدمها مختلف الأطراف في توسيع انتهاك خصوصية الناشطين ومراقبتهم مستخدمة البيانات التي تحصل عليها في إدانتهم وتلفيق القضايا الوهمية لهم قبل أن تصدر قرارات باعتقالهم.

قمع الحريات

يقول الصحفي صلاح عفيف أن إختراق وتهكير حسابات الصحفيين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي يعد إحدى وسائل قمع الحريات الإعلامية التي تنتهجها كثير من الجهات والأنظمة المستبدة التي تنظر إلى حريات الإعلام كتهديد خطير يحارب مصالحها أو الفساد أو الظلم الذي تقوم به.

إقرأ أيضاً  الإصابة بالسرطان في ظل الحرب

ويضيف عفيف في حديثه لـ”المشاهد”: “بالنسبة لي عندما اخترق مجموعة من الهكرز التابعين لجماعة الحوثي صفحتي على فيسبوك أحسست بنوع من القمع ومصادرة حرية الرأي والتعبير وأدركت أن الحوثيين يسعون لإسكات الأصوات الحرة التي تعمل على كشف جرائمهم المرتكبة بحق أبناء الشعب”.

ويتابع: محاولة التهكير كانت أخف من القمع الجسدي الذي واجهناه قبل نحو 4 سنوات أثناء تواجدنا في صنعاء من قبل جماعة الحوثي لنضطر بعدها إلى ترك العاصمة والتوجه إلى مدن أخرى تسيطر عليها قوات الشرعية لكن قمع الحريات استمر عن طريق محاولة اسكاتنا بمصادرة حريات تعبيرنا إلكترونيا عن طريق تهكير صفحاتنا في مواقع التواصل الاجتماعي.

صراع سياسي

الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي محمد العولي وصف ظاهرة قرصنة صفحات بعض الناشطين السياسيين بالوسيلة الرخيصة والبائسة التي يعتمدها الضعفاء للإضرار بالاخرين في مسعى لمنع النقد واسكات صوت المعارضين.

وبين في حديثه لـ”المشاهد” أن مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن باتت تعيش صراعاً سياسياً تغذيه الأزمة الراهنة في البلاد مايجعل الأصوات الصريحة عرضة للاستهداف من قبل الخصوم السياسيين.

وأكد بأن قرصنة صفحات الاعلاميين والناشطين في اليمن تجري بدوافع سياسية بحتة في ظل احتدام الصراع بين الأطراف السياسية في البلاد مشيرا الى أن تهكير الصفحات بات أسلوباً رائجاً وأكثر ضرراً بحق الخصوم.

وحذر من فتح الروابط التي يتم توزيعها في الصفحات والجروبات من أشخاص مجهولين وينصح كل من يقع في الفخ بتغيير كلمة سر قوية والخروج من جميع الاجهزة حتى لا تصبح بياناته عرضة للسرقة والإختراق.

وشدد على أهمية استخدام شبكة افتراضية خاصة VPN والتي تقوم بتشفير حركة المرور عبر الإنترنت وتحمي المستخدمين من الهجمات الالكترونية وتعتبر من الممارسات الجيدة لحماية الخصوصية والأمن على الإنترنت.

وكان الحوثيون قد قاموا بعد أحداث ديسمبر الماضي بحجب مواقع التواصل الاجتماعي بما فيها “تويتر” و”واتساب” و”فيسبوك” و”تليغرام”، بينما لايزالون يحجبون التصفح عن جميع المواقع الإخبارية منذ نحو ثلاثة أعوام عدا المواقع التي تديرها الجماعة المسلحة والتي تحرض على القتل وإزهاق أرواح اليمنيين.

ويستخدم الحوثيون وزارة الاتصالات الواقعة تحت سيطرتهم للسيطرة على بيئة المعلومات الإلكترونية في اليمن بدءاً من نقاط خنق الإنترنت وامتداداً إلى مقدمي خدماته حيث تمنع مجموعة واسعة من المواقع الالكترونية من تقديم المحتوى الإخباري.

ويصنف اليمن ضمن أكثر الدول انتهاكاً لحرية الانترنت إلى جانب الصين وإيران وسورية وكوبا ومصر وسجل اليمن مؤخراً أحد أعلى معدلاته في انتهاك حرية الانترنت بعد أن صارت فيه الشبكة العنكبوتية جزءاً من الصراع السياسي المسلح.

مقالات مشابهة