المشاهد نت

الصحفيون فى اليمن يواجهون الموت تفاصيل حوادث الاغتيالات

المشاهد-خاص:

انعكس الصراع الدائر في اليمن منذ سنوات على واقع الصحافة والإعلام وباتت الحريات الإعلامية تواجه هجمة شرسة لم يسبق لها مثيل من كل الأطراف التي ارتكبت ولازالت ترتكب انتهاكات جسيمة بحق الصحفيين تصل لحد القتل والاختطاف.

وتصاعدت موجة الاغتيالات واستهداف الأصوات الحرة مؤخراً بشكل لافت وامتدت تلك الأيادي الى المؤسسات الإعلامية والصحفيين والتي كان آخرها اغتيال الصحفي أحمد الميموني في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وأطلق مسلحان مجهولان كانا يستقلان دراجة نارية النار الأربعاء الماضي على الصحفي الميموني في شارع بغداد بالعاصمة صنعاء ماأدى إلى مقتله وشخص آخر كان الى جواره.

وكان الميموني يشغل منصب رئيس قسم الموارد البشرية في وكالة الأنباء اليمنية سبأ وبعد انقطاع راتبه منذ أكثر من عام ونصف العام التحق بالعمل كحارس أمن في شركة “جروب فور” الأمنية بالعاصمة صنعاء.

اغتيال الميموني الذي ترك عالم الصحافة بشكل مؤقت وذهب للبحث عن وظيفة تؤمن له لقمة العيش أثار تساؤلات ومخاوف زملاء المهنة عن ماإذا كان موسم اغتيالات الصحفيين قد بدأ وهل أصبحوا الهدف التالي بعد تصفية رجال الدين والدعاة في اليمن.

واعتمدت هذه العمليات في معظمها على الدراجات النارية وأسلحة كاتمة للصوت، مقارنة بحوادث السيارات المفخخة والعبوات الناسفة واستهدفت في بادي الأمر النخبة السياسية والعسكرية بالاضافة الى النشطاء وعلماء دين وأخيراً الصحفيين.

وفي السابع والعشرين من يناير الماضي, اغتيل المصور الصحفي أسامة سلام المقطري برصاص قناص في مدينة تعز، جنوب غرب البلاد، حيث كان يغطي مع عدد من زملائه المواجهات الجارية في الجبهة الشرقية عندما تم استهدافه برصاصة في الرأس من قبل قناص حوثي.

ويقبع اليمن في المرتبة 168 (من أصل 180 بلداً) على التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود مطلع العام الماضي.

وقال الصحفي غالب النجار أن الصحفي اليمني يعيش أقداراً مأساوية حيث لم تكتف الجماعات المسلحة بقطع رزقه وتشريده وترويع أطفاله بل قامت بارتكاب كل أشكال الفظاعات في حقه من اختطاف وقتل وسحل وتعذيب.

وأوضح في حديثه لـ”المشاهد” أن تصاعد موجة الاغتيالات في اليمن والتي طالت صحفيين مؤخراً مؤشرٌ خطيرٌ يدل على دخول البلاد فصلا جديدا من الصراع الدامي وأن المشهد بات أكثر قتامة من ذي قبل.

وأشار الى أن المئات من الصحفيين غادروا البلاد مجبرين بسبب التهديدات التي تطال سلامتهم البدنية وسلامة عائلاتهم فيما ترك آخرون مهنة الصحافة واتجهوا لأعمال أخرى ورغم ذلك لم يسلموا من القتل كما هو حال الصحفي أحمد الميموني.

ولفت إلى أن الانتهاكات في حق الصحفيين تتزايد باطراد سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين أو الحكومة الشرعية وسط إفلات تام من العقاب في سياق حرب لا تتردد أطرافها في استهداف الأصوات الحرة.

وحمل جماعة الحوثي والحكومة الشرعية مسؤولية حماية الصحفيين من خطر العنف والإرهاب والاغتيال المسلط عليهم، خاصة في ظل تصاعد موجة الانتهاكات المتكررة على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.

وتمنح القوانين اليمنية الصحفيين حرية العمل، لكن اندلاع الحرب بعد اجتياح جماعة الحوثي للعاصمة صنعاء ومناطق شمال وغرب ووسط البلاد، والانتهاكات التي طالتهم بعدها جعل عملهم يتحول إلى مهنة الخطر والموت.

ويقبع نحو 18 صحفياً في سجون الحوثيين بالعاصمة صنعاء منذ ثلاثة أعوام ويواجهون خطر الموت نتيجة التعذيب، ويحرمون من زيارة أسرهم والحصول على العلاج والغذاء.

ويبدو أن مسلسل الاغتيالات في اليمن قد وصل الى نقطته الأخيرة، بوصوله إلى الصحفيين الذين ترك غالبيتهم العمل في المجال الصحفي بعد تزايد الانتهاكات بحقهم من قبل جميع الأطراف في اليمن.

وتزايدت عمليات الاستهداف المباشر للصحفيين والمؤسسات الإعلامية مؤخراً حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية وعلى رأسها العاصمة المؤقتة عدن.

ورصدت نقابة الصحافيين اليمنيين في تقريرها السنوي للعام الماضي، 300 حالة انتهاك، تورطت جماعة الحوثي بـ204 حالات، فيما سُجلت 54 حالة ضد جهات تتبع الحكومة الشرعية، و8 حالات قام بها التحالف العربي، و3 حالات قام بها الحراك الجنوبي، وارتكب “مجهولون” 28 حالة.

وتنوعت الانتهاكات بين الاختطافات والاعتقالات بـ103 حالة بنسبة 34 بالمائة من إجمالي الانتهاكات، و37 حالة حجب للمواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بنسبة 12بالمائة، ثم الاعتداءات بـ34 حالة بنسبة 11 بالمائة.

وسجلت التهديدات وحملات التحريض التي تعرض لها الصحفيون 31 حالة بنسبة 10 بالمائة، يليها الشروع بالقتل بـ29 حالة بنسبة 10 بالمائة، ثم المصادرة والنهب لممتلكات الصحفيين ووسائل الإعلام بـ17 حالة بنسبة 6 بالمائة.

إقرأ أيضاً  فشل إعادة فتح طريق صنعاء -الضالع-عدن

وعجزت الحكومة الشرعية التي تطمح لتحرير كامل البلاد من الحوثيين عن تطهير عدن التي تتخذها عاصمة مؤقتة من شبح الاغتيالات وفرض الأمن والأمان فيها وتوفير الحماية اللازمة للمواطنين.

وفي أواخر نوفمبر الماضي، أعلنت مؤسسة “الشموع” وصحيفة “أخبار اليوم”، تعرضها لهجوم بـ”عبوة ناسفة” تم زرعها جوار مقرها، ما أوقع أضرارا مادية كبيرة بالمبنى والمنازل المجاورة.

وفي النصف الثاني من شهر فبراير الماضي أحرق مسلحون مطابع الشموع للصحافة والإعلام بعدن، وتعرضت إذاعة “بندر عدن” لقذيفة آر بي جي؛ فيما استدعت إدارة البحث الجنائي بالمحافظة الصحفي فتحي بن لزرق، بعد كتابات له في صفحته بموقع “فيسبوك”، انتقد فيها الوضع القائم في عدن.

ونجا الصحفي وليد عبدالواسع الشرعبي سكرتير تحرير صحيفة أخبار اليوم التي تصدر عن مؤسسة الشموع للصحافة والاعلام بعدن بأعجوبه من الموت حيث كاد أن يفقد حياته لمجرد عمله بمؤسسة إعلامية مؤيدة للشرعية.

وألقى الصحفي الشرعبي نفسه من على الدور الثالث عقب إحراق مسلحين يرتدون بزات عسكرية، في أواخر فبراير الماضي مطابع مؤسسة الشموع بعدن بعد أن أوشكت النيران عل التهامه حياً.

وأصيب الشرعبي بكسور وجروح خطيرة اضافة الى شرخ في غشاية العمود الفقري وبات غير قادر على المشي والحركة ولايزال يرقد في قسم العظام بمشفى الجمهورية بالعاصمة المؤقتة عدن دون أن تكلف أي جهة حكومية نفسها بالسوآل عنه.

وعقب تلك الحادثة بأيام قليلة, داهمت قوات أمنية وعسكرية مؤسسة الشموع وصحيفة أخبار اليوم في عدن للمرة السادسة وأقدمت على اختطاف سبعة من موظفيها ونهبت جميع ممتلكاتها ومطابعها المحروقة فيما اتهم رئيس المؤسسة قوات الحزام الأمني الموالية للإمارات بارتكاب تلك المداهمات.

ولاقت عملية استهداف مؤسسة الشموع ردود فعل غاضبة، وأثارت علامات استفهام حول الجهات التي تقف ورائها الأمر الذي دفع الكثير من المراقبين إلى النظر بشك واتهام لقوات الحزام الأمني المدعومة إماراتياً والتي تمكنت من الانتشار وبسط سيطرتها على كافة مداخل ووسط ومفاصل مدينة عدن.

وقالت مؤسسة الشموع في بيان إن الجريمة البشعة المتمثلة باقتحام واحراق مطابع المؤسسة والصحيفة تؤكد أن حرية الصحافة والكلمة والتعبير في المحافظات المحررة في خطر حقيقي وأن هناك مساعي ومخططات لإسكات الكلمة الحرة وقمع الصحافة المهنية، ومنع اي تعدد للرأي، وقمع كل كلمة معارضة لتوجه ومخططات الجماعات الواقفة وراء هذه الجرائم والمجازر بحق الصحافة وحرية الرأي والتعبير.

وحملت الأجهزة الأمنية في العاصمة عدن مسئولية ما تعرضت له وطالبت بتحقيق واسع وعاجل وكشف نتائج التحقيق والجهة التي تقف وراء هذه الجريمة للرأي العام وضبط المتهمين واحالتهم للمحاكمة لينالوا جزاءهم الرادع وكشف الجهة التي تقف ورائهم.

محافظة حضرموت شهدت اعتقال السلطات الأمنية الصحافي عوض كشميم، مسؤول الحريات بفرع نقابة الصحافيين اليمنيين في المحافظة، والذي استقال من إدارة مؤسسة “باكثير” للنشر، بعدما وجه انتقادات لعملية “الفيصل” التي أطلقتها الإمارات في وادي المسيني بحضرموت مؤخراً.

وتزامناً مع تصاعد الانتهاكات ضد الصحفيين والمؤسسات الاعلامية في المحافظات الجنوبية في اليمن حذرت منظمة رايتس رادار من مغبة قمع حرية الرأي والتعبير وتجريف العمل الصحافي في المحافظات الجنوبية اليمنية.

وقالت في بيان ان هذه الاعتداءات المتلاحقة تعد انتهاكا خطيرا لحرية الرأي والتعبير وتجريفاً كبيرا للعمل الصحافي اليمني الذي يتعرض لأسوأ حملة قمعية في البلاد، منذ اندلاع الحرب في مارس 2015.

وطالبت رايتس رادار الحكومة اليمنية بسرعة التدخل للإفراج الفوري عن الصحافي المعتقل في حضرموت عوض كشميم، واتخاذ تدابير عاجلة لضمان حرية الرأي والتعبير وسلامة الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام في المحافظات التي تقع تحت سيطرتها وفي مقدمتها العاصمة المؤقتة عدن التي ازدادت فيها حالات الانتهاكات لحرية الرأي والتعبير.

بدورها دانت نقابة الصحفيين اليمنيين بشدة، ما وصفتها بالهجمات “الخطرة والإجرامية” ضد وسائل الإعلام في مدينة عدن، وحملت الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية مسؤولية توفير الحماية لوسائل الإعلام والصحفيين وتوفير بيئة آمنة مطالبة الأجهزة الأمنية بسرعة التحقيق في هذه الجرائم التي تستهدف حرية الرأي والتعبير وإلقاء القبض على الجناة وإحالتهم إلى النيابة لينالوا عقابهم الرادع.

مقالات مشابهة