المشاهد نت

التحالفات السياسية في اليمن: شركاء في مواجهة الخصوم غرماء في السلطة

معاذ الحيدري – المشاهد – خاص:

تبدو التحالفات السياسية في اليمن محط جدل وسخط واسعين. ويوما بعد اخر تظهر الى السطح محاولات جديدة لتشكيل تحالفات سياسية جديدة من جهة، ومن جهة ثانية باتت تحالفات الأحزاب والقوى السياسية في البلاد في سياق محاولة استعادة نشاطها وتبديل تحالفاتها، بعد تعرّض حضورها وتأثيرها لضربات عميقة خلال السنوات الماضية.

وفي ظل التطورات التي تعيشها البلاد، بدا واضحاً أن النشاط الحزبي يحاول أن يجد طريقاً للعودة إلى العمل السياسي بعد سنوات من حرب هي الأكبر في تاريخ البلاد، تراجعت معها القوى والأنشطة السياسية لصالح أطراف والمجموعات المتحاربة والتدخل الخارجي، وبذلك فإن العودة بغض النظر عن طبيعة تحالفاتها تمثل، بنظر العديد من اليمنيين، ظاهرة إيجابية، لكن التحديات أمامها ليست بالهينة، وليس أقل انعكاساتها الثقيلة الانقسام وفقاً للسيطرة العسكرية. فحزبا الناصري والاشتراكي يحضّران لتحالف في تعز فيما يتركز نفوذ حزب الإصلاح في مأرب ومحافظات أخرى، في مقابل نفوذ حزب صالح في مناطق سيطرته إلى جانب الحوثيين، في هذه المرحلة على الأقل.

أما في الجنوب فتواجه مجمل الأحزاب تحدياً كبيراً يتمثل بكون الحراك السياسي الحاصل في تلك المحافظات وبدعم مباشر أو غير مباشر من التحالف، والإمارات على وجه التحديد، يتخذ طابعاً مناطقياً أو داعياً إلى الانفصال، كما هو حال “المجلس الانتقالي الجنوبي”، بعدن، وكذلك “مؤتمر حضرموت الجامع” في الشرق، طبقا لمراقبين سياسيين.

لكن الحقيقة التي توصل اليها اليمنيون على ضوء التطورات التي تعيشها بلادهم منذ ثلاثة أعوام، هي ان التحالفات السياسية لا تقوم على مشروع ولم تبنى على قواعد وطنية، انما ظلت ومازالت تحالفات مصلحة، ويمكن ان يطلق عليها تحالفات الضرورة.

لــ”المشاهد” قرر الذهاب نحو قراءة واقع ومستقبل التحالفات السياسية في اليمن، ومع السياسيين سيبحث عن إجابات لبعض الاستفسارات خصوصا المتعلقة بأبرز وأكبر التحالفات السياسية التي عاشتها اليمن وتعيشها الان، وعن إمكانية انشاء تحالفات سياسية جديدة، ومدى نجاحها.

الحرب التي دخل بها اليمن انتجت حلفاء سياسيين جدد، وتحالفات سياسية جديدة، في حين غيبت تحالفات سياسية أخرى او عملت على تراجعها الى الخلف ألف خطوة، كما هو تحالف اللقاء المشترك الذي يعد من أكبر وأبرز التكتلات السياسية اليمنية، تحالف شهد له سياسيون ومراقبون ومهتمون عرب بانه كان من انجح التحالفات السياسية في المنطقة العربية.

ما الذي تعرض له تحالف المشترك؟ ولماذا اختفى بهذا الشكل غير المتوقع؟ سؤال طرحناه على امين عام حزب اتحاد القوى الشعبية عبد السلام رزاز، المقرر الأول لتكتل المشترك وناطقه الرسمي منذ إعلانه في 2001 وحتى عام 2006، تحدث لــ “المشاهد” قال رزاز: “بالنسبة لتكتل اللقاء المشترك فكما اشرت انت بسؤالك بانه كان أفضل تجربة على مستوى اليمن والمنطقة العربية. لقد حقق هذا التكتل اهداف عظيمة، حيث ساهم برفع مستوى الوعي السياسي والحقوقي في كل الوطن، ومن اهم ثماره عملية التغيير التي انجزتها ثورة فبراير٢٠١١م السلمية وعلى راسها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. اللقاء المشترك لم ينتهي كفكرة والية نضالية وانما استدعت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الانتقال الى توسيع التكتل ليشمل جميع المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني ككتلة تاريخية تنجز مهام المرحلة وعلى رأسها بناء الدولة الاتحادية في ضوء المخرجات”.

وتابع رزاز “هذه الفكرة تعرقلت بعد الانقلاب على الشرعية في ٢١سبتمبر٢٠١٤ من قبل شركاء الحوار صالح والحوثي. ولكن اللقاء المشترك استمر في ادائه السياسي حتى حوار الموفنبيك الذي فشل بسبب تمدد الحوثي صالح بالقوة العسكرية الى محافظات الجنوب ..بعد خروج الرئيس هادي الى عدن في ٢١فبراير ٢٠١٥ ووصول مليشيات صالح والحوثي الى مشارف عدن واستهداف الرئيس في قصر المعاشيق بعدن بصواريخ الطيران الحربي ظهرت تحالفات لمواجهة هذا الانقلاب المليشاوي حيث تم اعلان ما سمي بالتحالف الوطني وبعده بايام اعلن التكتل المدني ..والتقوا جميعا في اطار مؤتمر الرياض”.

وأضاف “حاليا تم الاعلان عن بدء التحضير للائتلاف الوطني  لدعم الشرعية بهدف استعادة العمل السياسي الذي غيبته حرب الانقلاب على الشرعية ،ومن خلاله سيتم  تقوية وتصويب الاداء في معركة استعادة مؤسسات الدولة واسقاط الانقلاب وهي خطوة على طريق لملمة شركاء العمل السياسي الداعم للشرعية وربما هذه الخطوة سوف تدفع نحو ظهور اطار تحالفي اوسع لكل القوى السياسية الداعمة للشرعية في الايام القادمة والذي يجري التحضير له منذ اكثر من عام وحسب معلوماتي ان وثائقه انجزت وتخضع للمراجعة هذا التحالف العريض الذي سيضم جميع القوى الداعمة للشرعية هو الذي سيتحمل عبئ المعركة السياسية حتى ينتهي الانقلاب والعودة لاستكمال ما تبقى من المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار”.

ومن وجهة نظر رزاز، وفيما يتعلق بتحالف صالح-الحوثي فهو قام لتحقيق هدف مشترك بينهما وهو الانقلاب على كل نتائج ثورة ١١فبرابر٢٠١١ وفي مقدمتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.

ويقول رزاز ” الاهداف الخاصة هي التي ستنهي تحالف صالح-الحوثي وهي الان أكثر وضوحا على المشهد فهذا التحالف لم يبنى من اجل خدمة قضايا الشعب، فالمواطن هو اخر من يفكر به هذا التحالف، والواقع المؤلم يشهد على ذلك ولهذا لا اعتقد ان هذا التحالف سيصمد طويلاً، فمؤشرات تداعياته اصبحت واضحة”.

من جهته  يقول نائف القانص القيادي في حزب البعث وعضو تكتل اللقاء المشترك وعضو اللجنة الثورية التابعة لجماعة انصار الله الحوثيين:فى حديثه لــ”المشاهد” “التحالفات السياسية في اليمن وتأثيراتها والعوامل التي تتحكم فيها مثلها مثل اي تحالفات لقوى سياسية اخرى في الوطن العربي، تعتمد على المصالح الذاتية للأحزاب والأفراد، قبل ان تعتمد على المصالح الوطنية، وقد تكون نكاية بالآخر، وهذا ما حصل في تحالفات اللقاء المشترك، كان القاسم المشترك بينهم هو العداء لشخص علي عبدالله صالح، وليس لمنظومة الاختلالات في النظام السياسي والفساد، وما صاحب ذلك من صراعات ومناورات، اعتمدت في الاستقواء بالخارج قبل ان تستقوي بجماهيرها، ولم تخرج الى الشارع الا بضوء اخضر من الخارج، وقد خدع الشعب اليمني بهذا التحالف، بل خدعت قوى سياسية، ونحن كحزب بعث ضمن من خدع بهذا التحالف، ولم تتضح لنا الرؤيا، الا اثناء هرولتهم الى الرياض لتوقيع على المبادرة الخليجية وتنازلهم عن كل الشعارات الوطنية، لانهم وجدوا فيهم مخرج لهم، و مكاسب شخصية، وإغراءات سلطوية وحال وصولهم للحكم مارست هذه الأحزاب فساد اسوء ممن سبقهم وتخلوا عن مشروع الانقاذ الوطني وذهبوا للحوار منفردين وليس متكتلين وكانت هذه الخطوة نهاية لهذا التحالف لينشق لقسمين قسم ارتبط بالخارج وقسم ارتبط بالداخل الوطني واثناء العدوان ذهب ذلك القسم الى الرياض”.

إقرأ أيضاً  تضييق الخناق على السلفيين في شمال اليمن 

اما تحالف المؤتمر وانصار الله فيقول القانص “: “فقد قام على اساس مواجهة عدو واحد تمثل بتحالف العدوان والقوى المساندة له ولا اعتقد ان السلطة هي من اغرتهم لهذا التحالف لان تحملها في فترة العدوان مسؤولية وطنية كبيرة تعرض المتحالفين لمخاطر كبيرة في الدفاع عن الوطن وتحمل مسؤولية تسيير اجهزة الدولة ودفع الرواتب وهذا الامر الذي وقع فيه تحالف المؤتمر والانصار بفعل قوى العدوان بنقل سيستم البنك لإفشال التحالف وتأليب الشارع عليه ومحاولة شق الصف ولكن تحالف المؤتمر والانصار تجاوز مرحلة شق الصف”.

من جهته همدان الحقب عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني يقول لـ “المشاهد”: “على ضوء ما يجري من خطوات تصادم ومؤشرات تلاشي وتناثر تحالف الانقلاب يمكن أن نقول ان طبيعة التحالفات السياسية التي تتشكل في اليمن يوحدها الاتفاق على النيل من الخصم ويفرقها غياب الايمان بالشراكة والتوافق على انتاج آليات بناء البديل الذي يستثمر كل الطاقات من في إطار هذا التحالف. بناءا على ما سبق يمكن الجزم بالقول : أن زوال هذه التحالفات عائد إلى عدم قناعة اطرافها بالشراكة في بناء المستقبل بالاستناد إلى الشراكة بدلا من ازاحة طرف لآخر حين تلوح السلطة ويشعرون أنهم قضوا على الخصم الذي تحالفوا لإسقاطه، أما نجاحها فمرهون بالمضي سويا حتى بناء دعائم الدولة التي يرمون إلى تحقيقها، وهنا يجب التنويه على أننا لا نساوي بين كل التحالفات وأن نفرق بين تحالفات وأخرى، بين ما هو تحالف لا وطني كالتحالف الذي أشرنا إليه سالفا وبين ما هو وطني وإن كانت تتمتع بقدر لا بأس به من سلوكيات وممارسات  التحالفات اللا وطنية”.

بالنسبة لتحالف المشترك يقول الحقب “للأسف الشديد وضع هذا التحالف صعب جدا هذا إذا لم يزل المشترك قائما فعلا لأن الحقيقة تقول عكس ما يناقض ذلك ويشير أن طللا هو ما تبقى من المشترك , لم يتبقى من المشترك إلا توافقات عند بعض قياداته الوسطية وقواعده في هذه المحافظة أو تلك التي تتعرض للعنف المفرط من الانقلابيين أما على المستوى القيادي الهرمي فلم يعد هناك أي شكل من اشكال التحالف أو حتى اللقاءات العابرة”.

في تقدير الحقب فان الضربة الموجعة التي وجهت للمشترك جاءت من هذه الزاوية، زاوية الاتفاق على إزاحة الخصم مع غياب القناعة الراسخة في القبول بالشراكة لبناء البديل، شركاء في اسقاط الخصم غرماء حيث تلوح السلطة ويبدأ الانتقال الى جزء من ساحتها. يقول الحقب: “هنا نبدأ التعامل مع هذه المرحلة بسلوك المتهافتين لا المناضلين الثوار وبالنسبة للمشترك لم يكن مرغوبا عند الكثير داخل اليمن وخارج حدوده ولذلك تم استهدافه بأشكال مختلفة ومن قبل أكثر من طرف”.

واما فيما يتعلق التحالفات السياسية التي بدأ العمل على فكرة انشائها، فيشير الحقب الى انه لا يمكن التكهن بمستقبلها، ومن وجهة نظره، فان تلك التحالفات مجرد فكرة لا حقيقة قائمة لأنها لم تتخلق بعد أدوات عمل هذه التحالفات وخطها النضالي، إذا هي مجرد فكرة ورغبة، سنرى إذا ما تبع اعلانها عمل على أرض الواقع يؤكد قيامها، أما إذا تبقت في حدود النخبة التي اعلنتها فهي تحالفات ورقية، ثم أن مستقبل هذه التحالفات إذا ما تحققت يترتب على مدى قدرتها في الالتحام بالجماهير وتوحيد جهودها وتصويبها باتجاه تحقيق أهدافها، والسؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن لهذه التحالفات الناشئة أن تستفيد من تجربة سابقاتها.

خالد بقلان، عضو حزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، يرى في حديثه لـ “المشاهد“: “بالنسبة لتحالفات السياسية في اليمن فهي دائما تتسم بالتحالفات المرحلية التي تفتقر للمنهجيات الواضحة والاستراتيجية التي تحدد طبيعة عمل هذه التحالفات وديمومتها ونجاحها، رغم أن اليمن اليوم بأمس الحاجة لوجود لتحالف سياسي وطني كرافعة سياسية لمشروع وطني يحدد الأولويات ويتبنى الجبهة السياسية لتقويض الانقلاب ويهذب الشرعية ويقاوم فسادها ويصحح ما أفسدته القيادات العتيقة التي تتحكم في صناعة القرار والانفراد به داخل منظومة الشرعية ويوحد الخطاب الإعلامي ويشدد على ضرورة الشراكة الوطنية وعدم تسيس الوظيفة العام او تجير السلطة لصالح حزب او شخص او منطقة وينطلق من خلال رؤية مشتركة تتسق مع مضامين مقررات الحوار والأهداف المحددة لعاصفة الحزم والمبادرة الخليجية وصولاً الى مرحلة الانتخابات عندها يمكن أن تكون مهمة هذا الائتلاف او التحالف السياسي قابلة للاستمرار او العكس المهم هو أن يتمكن مما أشرت اليه في بداية الحديث”.

ويضيف “اعتقد ان الائتلاف الذي تم الإعلان عن تشكيل لجنته التحضرية في القاهرة ويجري التحضير للإعلان كما صدر عن المؤسسات المعبرة عن التنظيم الناصري ومنظمة الحزب الاشتراكي قبل شهر وهذه خطوة تأخرت كثيراً ولابد من وجود مثل كهذا ائتلاف يضم أكبر قدر من القوى والأحزاب السياسية المساندة لشرعية وفق رؤية مشتركة وقيادة موحدة”.

 

مقالات مشابهة