المشاهد نت

اليمن .. مبادرات شبابية للتبرع بالدم ومكافحة خطاب الكراهية

المشاهد- صنعاء – علي سالم:
في وقت يواصل الصراع في اليمن سفك دماء المدنيين، وتجويعهم ودفعهم للقتال، يكافح شبان يمنيون من الجنسين لابقاء نشاطهم المدني متماسكاً وعدم انزلاقه في دائرة الكراهية والعنف.
ويقود الطالب في جامعة عدن، نصرعبد الكريم فريق متطوعين مؤلفاً من عشرات الشبان يتبرعون بدمائهم للمحتاجين من المرضى والاشد عوزاً، فيما تنشط مواطنته لينا الحسني ورفيقاتها حملات توعية تهدف الى نبذ الكراهية والعنف ونشر السلام.
فلئن تسببت الحرب المستمرة منذ نحو 3 سنوات بسقوط عشرات آلاف القتلى وانتشار الاوبئة ونزوج السكان، تبقى مفاعيل الحرب الكارثية وغير المنظورة، كامنة في انهيار التعايش الوطني الهش وتفشي الكراهية والجوع، اذ بات البلد الأفقر والأقل استقراراً، عبارة عن كانتونات جهوية ومذهبية. وصار العمل الإنساني جزءاً من ترسانة الصراع.
ومقابل تكديس أمراء الحرب للمال والسلاح يبدو عبدالكريم ورفاقه المتطوعون أشبه ببنوك دم متنقلة تسير على قدميها لعدم توافر أجرة المواصلات، فغياب الدعم من أبرز الصعوبات التي تواجه المبادرات الشبابية، وفق ما يؤكد عبدالكريم والحسني.
«لم يمض على تبرعي بالدم سوى أسبوعين»، يقول عضو في المبادرة اتصلت به «الحياة» عبر الانترنت للتحقق من صحة قائمة نشرها فريق المبادرة عبر تطبيق واتس أب للهواتف الذكية، تضمنت أرقام هواتف عشرات الشباب موزعين على مختلف مديريات عدن ونوع فصائل دمهم.
ويذكر طالب المستوى الخامس في كلية الهندسة نصر عبد الكريم أن فكرة اطلاق مبادرة عبر تطبيق واتس أب اتته إثر نداء أطلقه عضو في احد «غروبات» الواتس أب يقول إنه مصاب بالسرطان وفي حاجة إلى دم.
وبحسب القائمين على المبادرة فإن نشاطهم ينحصر في وضع قاعدة بيانات عبر الواتس أب، تشمل أرقام هواتف المتطوعين وفصائل دمهم ومناطق سكنهم. ويقول عبدالكريم إن عدد المتطوعين وصل الى نحو 300 متطوع، منوهاً بأن فريق المبادرة غير مسؤول عن أي أعمال احتيال قد يواجهها المتطوع.
منتصف 2015 تمكنت المقاومة الشعبية في عدن والتي شكل الشباب عمودها الفقري من دحر ميليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الانقلابية من المدينة ومعظم مناطق الجنوب بإسناد من قوات التحالف العربي الداعم لحكومة الرئيس عبدربه هادي منصور، بيد أن توقف القتال وضع شبان عدن أمام مهمات ربما كانت أصعب من القتال.
تتذكر رئيسة مؤسسة «أكون» للحقوق والحريات، لينا الحسني، شقيقها أحمد (21 عاماً) الذي قتل في نيسان (أبريل) 2015 برصاص قناص حوثي في عدن. تقول الحسني لـ «الحياة»: «كان أحمد يعمل متطوعاً في المؤسسة وقتل أثناء محاولته اسعاف شخصين اصيبا برصاص القناصة».
وعلى رغم الألم الذي سببه لها مقتل شقيقها لم تنزلق في موجة الكراهية التي صارت خطاباً وممارسة لكثير من المثقفين والناشطين في المجال الإنساني.
في مديرية مودية- محافظة أبين، أبرز معاقل تنظيم القاعدة في الجنوب، دشنت مؤسسة «أكون» الأربعاء الماضي حملة توعوية حول دور الشباب في الأمن والسلام. وتهدف الحملة التي ستغطي على مدى 6 شهور كل مديريات أبين -وفق الحسني- الى تعريف الشباب بمفاهيم الامن والسلام وتوعيتهم بأهمية مشاركتهم في العمل الحقوقي والسياسي. كما تشارك «أكون» مع اربع منظمات مجتمع مدني في حملة مماثلة في محافظة عدن تهدف الى دعم السلام ونبذ العنف المسلح.
وقياساً بالعامين الماضيين، انحسرت المواجهات بين الحكومة الشرعية والانقلابيين خلال العام الجاري فيما طغت التباينات بين طرفي الانقلاب في صنعاء على المشهد اليمني، وشبيه من ذلك تشهده عدن العاصمة الموقتة لحكومة الرئيس هادي . فبعد سنوات من الكراهية استهدفت الشماليين في مناطق الجنوب وانتهت بطرد غالبيتهم بواسطة قوة أمنية محسوبة على الحراك الجنوبي، برزت أخيراً تباينات بين القوى الجنوبية نفسها، وامتدت الى داخل المؤسسة العسكرية، على ما بينت حملة اطلقتها أخيرا شرطة عدن عبر مواقع التواصل تدعو الى نبذ المناطقية.
ويتلازم العنف في اليمن مع تفشي المجاعة واستمرار الشحن المذهبي والجهوي. ووفق معلومات مؤكدة، اضطر شبان الى ترك مقاعد الدراسة والالتحاق بجبهات القتال لتوفير ما يسد رمق عائلاتهم التي تعاني الجوع، خصوصاً مع توقف الحكومة اليمنية منذ سنة عن صرف رواتب اكثر من 800 موظف حكومي يعملون في المحافظات الشمالية.
وأطلق الناشط المدني والصحافي الشاب عبدالرزاق العزعزي حملة الكترونية بعنوان «نشتي نعيش»، وتهدف الى مواجهة خطابات التحريض والعنف والكراهية ومعالجة الانقسام المجتمعي. وكتب عبد الله الاعجم وهو أحد المتفاعلين مع الحملة قائلاً: «سنغزو العالم أخلاقياً وستثمر ثقافة المحبة والسلام».
المصدر: يومية الحياة اللندنية

مقالات مشابهة