المشاهد نت

نقابة الموالعة المحاكاة الساخرة للواقع اليمنى

لافته رفعت في الشوارع بتعز في ما اسموه اليوم العالمي للغصن
المشاهد -خاص :
بعيداً عن ضوضاء السياسة وأجواء الحرب, احتفل شبان يمنيون أمس الخميس, السابع من أيلول \سبتمبر, ولأول مرة, بـ”عيد الغصن” الذي دعت للإحتفال به نقابة الموالعة اليمنيين, بعد تحضيرات مستمرة دامت لأكثر من شهر.
وعلى عكس العالم الذي يحتفل في الحادي والعشرون من مارس من كل عام بعيد (الشجرة)، لتشجيع الناس على غرس الأشجار والعناية بها, احتفل الموالعة اليمنيون, بشجرة القات وحدها والتي يصفونها بالمباركة ويشجعون على تناولها.
وأشعل هاشتاق #يوم_القات_العالمي، الذي أطلقته النقابة للاحتفال بيوم الغصن, أمس الخميس, مواقع التواصل الإجتماعي ولاقى رواجاً واسعاً في “فيسبوك” و”تويتر” وشارك فيه المئات بنشر صور أنواع مختلفة من أجود أنواع القات الذي خصصوه للإحتفال بهذه المناسبة.
النشأة
تضم نقابة الموالعة اليمنيين التي أسسها ناشطون ومثقفون يمنيون وعلى رأسهم الشاعرين مروان كامل وكمال شعلان شريحة كبيرة من  الموالعة الذين يتعاطون نبتة القات التي تعتبر السلعة الوحيدة التي لم تتأثر بالحرب في اليمن، بل تشهد أسواقها إقبالاً كبيراً من المواطنين.
ولا توجد شروط للانضمام لعضوية نقابة “الموالعة اليمنيين”، بل هي نقابة “افتراضية”، تأخذ من مواقع التواصل الإجتماعي مقرا لها، وتفتح باب عضويتها لجميع الموالعة اليمنيين من مختلف المحافظات “بغية حشد أكبر عدد ممكن من هذه الشريحة التي تعتبر الشريحة الأكبر في المجتمع اليمني.
وبادر هؤلاء الناشطون إلى إنشاء النقابة الافتراضية “للموالعة”، وهو مصطلح شعبي  يشير إلى الأشخاص الذين يتعاطون نبتة القات بشكل يومي، وتأسيس صفحة رسمية لها على موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك” لاقت شعبية واسعة في أوساط هذه الفئة من مختلف انتمائاتها السياسية والمذهبية.
وفي هذا الإطار يتحدث نقيب الموالعة في تهامة صبري درهم المقطري، عن نشأة النقابة التي قال إنه تم التأسيس لها مبدئيا كأداة للنقد وبطريقة ساخرة من الأداء الهزيل للحكومة، بدأها الشاعر مروان الكامل، وتوسع نشاطها وأصبح لها هيكل تنظيمي في عدد من المحافظات.
وتطرق في حديثه لـ”المشاهد” إلى أنشطة النقابة خلال العامين الماضيين، والتي تمثلت بإنشاء نادي ثقافي في عدن ومعرض كتاب، وعمل حساب لها في موقع تويتر يعد وسيلتهم لإيصال صوتهم للجمهور في الدول الأخرى، يهتم بنشر النوادر اليمنية والأغاني غير المتوفرة على شبكة الإنترنت.
وأفاد بأن النقابة ستعمل كذلك على إنشاء موقع إليكتروني يهتم بالموروث الشعبي والفني اليمني، وستؤسس لأدب مولعي جديد، وستسعى للنضال من أجل التراث المنهوب، وكذا توثيق النواد اليمنية والعمل على حمايتها من السرقة.
وأكد أنهم سيناضلون من أجل أن يتم رفع الحظر عن القات خارج اليمن، بما يعود بالفائدة على الدخل القومي لبلد، عندما يتم تصديره إلى الخارج.
وعنما سألناه عن ماالذي ستضيفه النقابة، رد أن البلد يمر بوضع صعب، وبرغم ذلك أثبتوا وجودهم بعد أن صمتت كل النقابات العمالية والحقوقية، مؤكدا أن نقابة الموالعة اليمنيين بإمكانها أن تقوم بمقام كل النقابات الأخرى، كون الموالعة من كل الأحزاب والقطاعات والشرائح المجتمعية.
محاكاة ساخرة للواقع
يقول الصحفي وسام محمد استطع القول ان النقابة جاءت كمحاكاة ساخرة للواقع وردة فعل مشروعة علي فشل السياسة في استيعاب الطاقات الشعبية الخلاقة التى سمحت ثورة فبراير بتفجيرها .
ويضيف وسام أن الفكرة جاءت كنتيجة تعب وهو تعبير مكثف لا يتعلق بشخص بل بحالة يعيشها معظم اليمنيين وتتصل بالسياسة وفشلها بدرجة أساسية .
وقد لخص مروان كامل صاحب الفكرة ان مثل هذة الفكرة ككل الافكار الاخرى الشبيهة كجمهورية الصافية او حزب المعرعرين وهي افكار لتجمعات افتراضية بهدف السخرية جاءت كحالة رفض للوضع القائم الذي هو نتيجة سلسلة من الخيبات والهزائم .
ويتعقد بعض المتابعين أن النقابة ستكون قادرة على صنع نوعا من التغيير لوجود شريحة كبيرة تنتمي إليها من المُخزنين (ماضغي القات) في البلاد، إذا استغلها الشباب الذين يسعون لوضع بصمة لهم في الواقع اليمني عبرها، خاصة أنها تعتمد على وسائل التواصل الحديثة التي يعد الفيس بوك أشهرها.
نقد سياسي
ويمارس أعضاء النقابة النقد السياسي بأسلوب ساخر ولاذع، ويتناولون على صفاحتهم قضايا مهمة وساخنة بروح فكاهية، ويحولون الضغوط الإجتماعية إلى نكات في محاولة للهروب من الواقع المرير، والظروف السياسية والإقتصادية وايصال رسائلهم النقدية للحكومة ولمختلف الأطراف السياسية بطريقة ساخرة.
ويعد الخطاب الساخر الذي انتهجته النقابة إمتداداً للمقاومة السلمية غير العنيفة للقهر السياسي وهو أمر إعتاد أن يلجأ إليه اليمنيون في مواجهة السلطات  الديكتاتورية  واستطاعوا بهذه الطريقة الفريدة ادخال البهجة الى قلوب المتابعين المتعبه من الاخبار المليئة بالألم في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.
ومنذ نشأتها في أشهر الحرب الأولى، بدأت هذه النقابة بتوجيه النقد اللاذع لمختلف الأطراف في اليمن، وبلغة ساخرة استقطبت عديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد. ويُعتبر مروان كامل النقيب المنتظر (عجل الله فرجه)، وكمال شعلان هو النقيب العام، ويوجد نقيب للنقابة في محافظة تعز، وعدن، والمحويت، وتهامة.
وبأسلوب فكاهي ساخر, ناقشت نقابة الموالعة اليمنيين عبر أنشطتها المختلفة أهم القضايا المتصلة بالحرب والطائفية والإرهاب والفساد بواسطة منشورات ذات صبغة فكاهية لكنها تحمل في طياته الكثير من الرسائل التنويرية الهامة باسلوب جديد يوصل الأفكار الى القارئ بسهولة.
استعدادات مبكرة
منذ أكثر من شهر دعت النقابة التي يطلق عليها (مالي) جموع الموالعة في مختلف المحافظات إلى الإحتفال بعيد الغصن وخصصوا يوم السابع من سبتمبر للإحتفال بهذه المناسبة وجعله بمثابة عيدًا قوميًا يحتفل به الموالعة كل عام.
وتوالت استعدادات النقابة التي تشكل مجاميع مولعية من المفسبكين للإحتفال بالعيد وانتشر منذ وقت مبكر وتم تشكيل اللجنة المولعية للاحتفالات المسوؤلة عن ترتيبات الحفل وقوات الردع المولعي التي تتولى حماية اللوحات الدعائية من التمزيق من قبل معارضين للاحتفال.
 الشعار المصمم للفعالية التي كان يترقبها آلاف الموالعة في عموم محافظات الجمهورية والذي يرمز الى نتبة القات تم تعيينه كبرواز لصور آلاف الموالعة المفسبكين قبل العيد بإسبوع واكتسحت لافتات تحمل ذات التصميم شوراع المدن اليمنية وأسواق القات مؤكدين أنهم لايتواجدون في العالم الافتراضي فقط بل في طول اليمن وعرضه.
ووبلغت التحضيرات للإحتفال بعيد الغصن أوجها خلال إجازة عيد الأضحى المبارك في مختلف المدن اليمنية ةأعلنت مكاتب إعلانية ومنها مكتب الفقية للاعلانات بمدينة تعز ومكتب برنت ون للاعلان صنعاء ومؤسسة بن شكري للانتاج الاعلاني عن رفع الجاهزية بمناسبة عيد الغصن #يوم_القات_العالمي وتعهدت بطباعة اللافتات خلال إجازة عيد الأضحى وتقديم لافتات مجانية دعماً للنقابة.
وتعد فعالية عيد الغصن التي نظمتها النقابة، وشارك فيها العديد من اليمنيين من مختلف انتماءاتهم ومناطقهم في هذا الوضع الذي تعيشه البلاد، وسيلة لتصحيح الصورة المشوهة عن القات في الخارج، ككيفْ قومي لشعب وسمة حضارية لبلد عظيم كاليمن، وفقاً لنقيب الموالعة في تهامة المقطري.
حضور نسائي
لم يقتصر الاحتفال بتلك المناسبة على الرجال فقط، فحضور النساء أيضا كان كبيرا برغم أن عدد الرجال “المُخزنين” أكثر منهن، ولم يغب العنصر النسائي عن إدارة النقابة، وتعد نورا السقاف هي نقيب موالعة عدن.
الناشطة خولة المخلافي كانت واحدة من النساء اللاتي تفاعلن في مواقع التواصل الاجتماعي مع مناسبة “عيد الغصن”، وذكرت أن القات ظاهره انتشرت بشكل كبير، وباتت جلسات القات مكانا لتجمع أكبر عدد من الأشخاص ووسيلة للتعارف بينهم في مختلف المناسبات الاجتماعية وحتى الثقافية، بعد أن أصبح عادة متأصلة في المجتمع اليمني.
وأكدت لـ”المشاهد” أن عدد النساء اللائي يمضغن القات في تزايد مستمر، نتيجة لوجود كثير من المناسبات التي تجمعهن، خاصة بعد أن تحول القات إلى ظاهرة، مشيرة إلى تدخين البعض منهن للشيشة إلى جانب تلك النبتة.
وهي لا ترى أن القات عيبا بحق المرأة ولا حتى بحق الرجل، فالعيب بحق النساء هو الجهل وعدم الوعي بالمسؤوليات. وتقول إن أجمل ما في القات هو النقاشات التي تجري في تلك التجمعات.
ونفت أن يكون القات سببا في إهدار الوقت، معللة ذلك بقولها إن فترة مضغه غالبا ما تكون من العصر وحتى المغرب، وهي وقت لاستراحة كثير من الناس الذين يستغلونها في مضغه.
والقات – وفق خولة- وسيلة للراحة النفسية وتجمع العائلة، ومنشط لإنجاز كثير من الأعمال.  مشيرة إلى أن لهذه النبتة سلبيات كثيرة، وستسعى النقابة للترويج للجانب الإيجابي في هذه الظاهرة.
وعن سبب تأييدها لإعلان نقابة الموالعة، ذكرت أن القات يتنشر بشكل كبير في أوساط اليمنيين، وهو بحاجة لبعض القوانيين التي ستعمل على ضبط جودته. وهي تراهن على النقابة التي استطاعت أن تحتفل بيوم عالمي للقات، مؤكدة أن المسؤوليات عليها كبيرة للاستمرار بالتقدم.
تمرد شبابي
ويتفق مع خولة الصحافي أحمد فوزي، الذي يؤكد أن نقابة الموالعة ستنجح، بعيدا عن الاستثمار السياسي للموضوع الذي يعد مجتمعيا في المقام الأول، على حد تعبيره.
وفي حديثه لـ”المشاهد” تمثل بالنسبة له نقابة الموالعة ما أسماه بـ”التمرد الشبابي” على الشكل والطابع العام المحبط.
وبيَّن أن هناك من يتعمد مهاجمة الشباب في الوضع الحالي، واتهامهم بعدم القدرة على فعل شيء، وهو ما يتم تجاوزه حاليا عبر هذه النقابة.
واستطاعت النقابة –بحسب فوزي- على جمع الشباب والالتفاف حول قضايا معينة، وأثبتت جدارتها وثقتها لدى الشباب.
حملات مناوئة
قوبل الاحتفال بهذه المناسبة التي احتفل بها ماضغو القات، بحملات أخرى مناوئة لها ترفض الترويج لهذه لهذه النبتة لما لها من أضرار نفسية واقتصادية وصحية.
وأطلق ناشطون في مدينة تعز حملة مناؤة تحمل اسم”تعز بلا قات”، تهدف لمحاربة القات وتوعية الناس بخطورة الظاهرة التي طالت الجميع بمن فيهم الأطفال.
وعلى مواقع التواصل الإجتماعي, جوبهت الحملة بانتقادات واسعة وكتب الناشط نجيب الحجي والذي يرأس مبادرة ضد القات وهو يمني مقيم في سويسرا عن الإحتفال بـ”يوم الغصن العالمي” “العالم تحتفل مثلا باليوم العالمي للكتاب واحنا باليمن نحتفل بعيد الزفت الغصن!”
وفي الوقت الذي احتفل فيه كثير من الشباب اليمنيين بـ”عيد الغصن”، يتذكر الشاب الثلاثيني محمد غالب اليوم الذي مرض وبشدة بعد إصابته بتسمم حاد نتيجة لمضغه أوراق قات مسمومة.
وذكر لـ”المشاهد” أنه كان يعاني كثيرا من الضيق بعد مضغة لتلك النبتة، وكان يستهلك القات أمواله دون فائدة، ويفقد الشهية للأكل وكثيرا ما يشعر بالأرق ولا يستطيع النوم.
وقال إنه ابتعد عن تناول القات بعد ذلك اليوم، وحرص على القيام ببعض البدائل لتعينه على عدم العودة إليه كنوم القيلولة بعد الظهر، والمشي في فترة العصر حتى المغرب.. ناصحاً المحتفلين بيوم القات بالإقلاع عن تناوله لما يسببه من أضرار.
وتتحدث كثير من الأبحاث عن أضرار القات الصحية، كالإصابة بأنواع كثيرة من السرطانات نتيجة لرش تلك النبتة بسموم محرم استخدامها، بالإضافة إلى العجز الجنسي، ومشكلات في الجهاز التنفسي كالربو والالتهابات الرئوية لأن بعض مجالس مضغ القات تفتقر إلى التهوية الجيدة.
ووفقاً لدراسات اقتصادية, يهدر اليمنيون 25% من ساعات العمل يومياً و1.7 مليار دولار سنوياً على استهلاك “القات” وينفق رب الأسرة 35% من إجمالي دخله على “القات” في حين ينفق 10% من دخله على تعليم أبنائه.
مقالات مشابهة