المشاهد نت

في السعودية هذا مايضاعف معاناة اليمنيين ويقضي على أحلامهم

صورة ارشيفية لمجموعة من اليمنيين في الشرطة السعودية

المشاهد – خاص:

أُغلقت الكثير من أبواب الأمل في وجه أبو محمد إسماعيل، عقب سماعه بخبر سعودة العمالة في قطاعات جديدة بالمملكة العربية السعودية، بغرض توفير فرص عمل للسعوديين، الذين ارتفعت أصواتهم مؤخرا بسبب استمرار ارتفاع نسبة البطالة في بلادهم.

وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة المساعد للشؤون التنموية، عبدالله آل طاوي، ذكر اليوم الأحد في تصريحات صحفية، إن الجهات المختصة في السعودية قررت تطبيق أنظمة التوطين (السعودة) على أكثر من 12 قطاعًا وظيفيا، بينها السياحة والفنادق.

وحول أسباب التركيز على قطاعي السياحة والفنادق، ذكر أنها تُمثل ثقلا كبيرا، خاصة في العاصمة المقدسة.

وقبل أيام أقرت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة، قصر العمل في قطاع استخراج التأشيرات السياحية على السعوديين فقط، فيما صدر في وقت سابق إقرار قطاعات اقتصادية في أسواق التجزئة السعودية كالاتصالات والتأمين، بتوطين العمالة في البلاد.

جدل

وتثير السعودة (أنظمة التوطين) جدلا كبيرا في المملكة العربية السعودية، بين أبناء البلاد ذاتها، والعاملين فيها من مختلف الجنسيات.

المواطن اليمني من أكثر الذين تضرروا جراء صدور تلك القرارات، بسبب الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عامين ونصف العام، والتي تأثرت فيها سلبا مختلِف مناحي الحياة، خاصة في المحافظات التي تشهد حربا حتى اليوم.

يرى بعض المتابعين أن من واجب السعودية أخلاقيا أن تستثني اليمنيين من مثل تلك القرارات، نظرا لأن البلاد في حرب مصيرية مرتبطة بأمن واستقرار المملكة التي ترتبط بحدود برية مع اليمن يبلغ طولها 1470 كيلو متر.

لكن يعتقد محللون اقتصاديون سعوديون، أن هذه الخطوة من حق المملكة، لتوفير فرص عمل للسعوديين، خاصة بعد ارتفاع نسبة البطالة فيها إلى 12.7 بالمائة في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بـ12.3 بالمائة نهاية العام الماضي.

مأساة

ويعمل أبو محمد إسماعيل في أحد فنادق مكة المكرمة منذ قرابة خمسة أعوام، أدى ذلك على استقراره النسبي، بعد أن صار بمقدوره توفير لقمة عيشه وأسرته في تعز، لكن كل ذلك تغير.

ويقول لـ”المشاهد” إنه تفاجأ بخبر “سعودة” قطاع السياحة والفنادق، ويخشى أن يضطر لترك وظيفته كموظف استقبال، في أحد فنادق مكة المكرمة.

ويشعر إسماعيل بالإحباط الشديد، بعد أن صارت المخاوف تسكنه، ويذكر بوجع شديد أنه لا يعلم ما الذي سيفعله إن عاد إلى اليمن، وكيف يمكنه أن يطعم أسرته، بعد أن قلّت فرص العمل بشكل كبير في اليمن نتيجة استمرار الحرب.

الوجع مرتين

وبرغم هروب طارق صالح إلى السعودية عقب اندلاع الحرب في اليمن في مارس/آذار 2015، إلا أن معاناته تفاقمت بشكل كبير.

يذكر لـ”المشاهد” الشاب الثلاثيني أنه اضطر وزوجته وطفلته للهروب إلى السعودية بعد سقوط محافظة إب بأيدي المليشيا الانقلابية، وخوفه على حياتهم نتيجة التضييق الذي مارسه الحوثيون على أسرتهم، لمناوأتهم لهم.

إقرأ أيضاً  مبادرات مجتمعية لمساعدة الفقراء في رمضان

ويتابع: كان أملي أن أذهب إلى السعودية وأتمكن من الحصول على فرصة عمل، لكن ذلك لم يحدث إذ لا يحق لحاملي تأشيرة زيارة حكومية العمل.

“أنا عاطل عن العمل، ولا أمل لي بشيء، فأنا ليس بمقدوري أن أعود إلى بلادي في ظل هذه الحرب”، يردف “صالح”.

وتمنى في ختام حديثه أن يتم استثناء اليمنيين من مثل تلك القرارات، للتخفيف من معاناة اليمنيين في المملكة، والذين بدأوا بمغادرة السعودية، عقب بدء توطين العمالة، وإلزامهم بدفع غرامة شهرية للدولة.

وفي وقت سابق، قررت السلطات السعودية، منح 450 ألفا من أبناء الجالية اليمنية المقيمين في السعودية ممن يحملون بطاقة زائر، بطاقات إقامة نظامية.

حرب ضد الوافدين

وفي هذا الإطار يعتقد الصحافي محمد القاسم، أن قرار “السعودة” سيادي بالنسبة للسعودية، لكنه يمس استقرار آلاف اليمنيين العاملين في المملكة، بعد أن أصبحت كل القطاعات مستهدفة داخل المملكة.

وفي معرض حديثه مع “المشاهد” وصف السعودة بأنها أشبه بـ”حرب على العمالة الوافدة”، برغم أنها بالنسبة للقيادية السعودية وللشعب السعودي قرار صائب، ويصب في الصالح العام للمجتمع السعودي، على حد قوله.

واستطرد “ستنعكس هذه القرارات إن لم تكن قد بدأت، على استقرار العمالة اليمنية في المملكة، حتى أننا بتنا نسمع الكثير من الشكاوي والشعور بالضيق من قبل العاملين اليمنيين هناك، لا سيما بعد فرض رسوم إضافية على المقيمين، وهي أشبه بحرب موازية أيضا”.

ولفت القاسم إلى وجود آلاف اليمنيين المقيمين في المملكة، معظمهم على هيئة لاجئين فروا جراء الحرب، ناهيك عن السوريين أيضا، ستضر تلك الإجراءات بهم، وتزيد من صعوبة أوضاعهم المعيشية والنفسية.

ويعد هذا القرار في هذا الظرف تجاوز للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق اللاجئين، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تؤكد ضرورة أن تمنح الدول المستضيفة اللاجئين حياة كريمة، بحسب القاسم.

وتحدث بأن اليمني صار يعيش حربين في الداخل والخارج أيضا، حتى من الدول التي استند إليها في مأساته وصارت تحاربه أيضا، وهذا مؤشر خطير وتناقض في أهداف الجارة السعودية فيما يخص اليمنيين تحديدا، مؤكدا أن تأثير ذلك كبيرا، وستكون المملكة هي أول المتأثرين به.

الجدير بالذكر أن1.974.000 يمنيا يتوزعون كلاجئين في مختلف الدول، منها السعودية التي يوجد بها أكثر من مليون يمني حسب بعض التقديرات. وطبقا لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، استضافت السعودية 603 آلاف يمني منذ اندلاع الحرب في اليمن.

مقالات مشابهة