المشاهد نت

بعد توقف الرواتب ونفاذ المدخرات اليمنى علي مشارف الجوع

صورة ارشيفية

 

المشاهد – سعيد الصوفي – خاص

  عامان من الحرب استنزف اليمنيون  كل مدخراتهم التي ظل بعضهم يعمل على توفيرها طيلة سنوات عدة على شكل نقود مالية أو مجوهرات  أو أثاث منزلي وما شابه ذلك لتتبخر جميعها في الأسواق مع  استمرار الحرب وتصاعد غلاء الأسعار وارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية الأمر الذي ضاعف من معاناة الأسرة اليمنية , الذي يصفه مراقبون بأنه في مستوى  بالغ من  الخطورة …

 

تعد المدخرات بالنسبة للأفراد كالصناديق السيادية  للدول أو الاحتياطات النقدية للبنوك فمن خلالها يمكن الوفاء بالالتزامات وتوفير الاحتياجات وسد العجز وضمان توفر السيولة عند حدوث الأزمات بحيث تضمن المدخرات الشخصية للأفراد مواجهة الأزمات المالية والمتطلبات الحياتية وتجاوزها في كثير من الأحيان وهى وسيله قديمة جديده وقد عبر  عنها المثل الشعبي  القائل :”القرش الابيض ينفع في اليوم الأسود” فبالنسبة لكثير من اليمنيين فان القرش الابيض نفد أو أوشك على النفاد فما واجهوه  ليس يوما واحدا أسودا أو يومين بل أيام سوداء لا يعرف مداها إلا الله..

 

 اجع القوة الشرائية

سعيد عبده ثابت يعمل في محل بيع المواد الغذائية يؤكد أن القوه الشرائية للمواطن تراجعت الى حد كبير ,حيث كان المواطن قبل الحرب بمقدوره شراء كيس أرز عبوة ٤٠ كيلو والآن بالكاد يقدم على شراء كيس رز عبوة ١٠ كيلو وهكذا قس على بقية الاحتياجات الأساسية , هذا بالنسبة لفئة الطبقة المتوسطة سابقا, أما الفئة الأدنى منها فهي في حالة يرثى لها.

من جانبها تقول أنسام غازي وهي موظفة حكومية, ان نسبة كبيرة من المواطنين ليس لديهم مدخرات لأن دخلهم كان لا يكاد  يغطي مصروفاتهم الشهرية باعتبار أن ما يتقاضونه من رواتب لا تفي  بتلبية احتياجات الأسرة و ما أن تصل إليهم تلك الرواتب المتدنية, إلا وقد حسم أمرها مسبقا .

  تآكل المدخرات

لم يؤد توقف صرف الرواتب واستمرار الحرب إلى تآكل المدخرات فحسب بل قفزت أثارها السلبية إلى مستوى كارثي أدى إلى إغراق أغلب الموظفين في الديون ودفعهم إلى رهن أو بيع أثاث مساكنهم ولوازمهم.. كما يقول عبدالله  العسلي , و الأخطر من ذلك كله  ـ حسب قوله ـ أن تداعيات هذه الكارثة لم تقف عند الموظفين فحسب بل امتدت لتطال شرائح أخرى مهمة ومنها شريحة واسعة من تجار تجزئة كان الموظفون يعتمدون عليها في الشراء بالأجل.. فنسبة كبيرة من هؤلاء التجار وخصوصا الصغار أفلسوا بعد أن عجزوا عن استرجاع ديونهم ..

وفضلاً عن ذلك كله تفاقمت مشكلة البطالة وتوقفت الأعمال في أغلب المنشآت والمشاريع الصغيرة التي كانت تستوعب النسبة الأكبر من الأيادي العاملة.. وتشير  تقارير لمنظمات دولية  الى ان نسبة ارتفاع البطالة في صفوف الشباب اليمني وصلت إلى 70% مع ارتفاع الفقر إلى حوالي 80 % من مجموع السكان   البالغ عددهم نحو 27 مليون نسمة ـ بحسب الإسقاطات السكانية الرسمية للعام 2017م ـ   ونظرا لتداعيات تلك المشكلة , يقول  العسلي “نحن بالفعل أمام كارثة عظيمة متعددة الأوجه والجوانب تتفاقم تداعياتها الإنسانية السيئة يوماً إثر أخر ، وتحتاج إلى تدخل دولي سريع وعاجل..”

  نفاد المدخرات

الصحفي أحمد مغلس  يصف  ذلك الواقع بأنه  أشد خطرا وأكثر إيلاما لدى الأسر الفقيرة و المتوسطة فمدخراتها لا يمكنها الصمود طويلا أمام الاحتياجات والالتزامات اليومية ولا أدل على ذلك من لجوء بعض هذه الأسر ولاسيما في تعز الى بيع أثاثها المنزلي لسد رمق ابنائها والوفاء ولو ببعض متطلبات حياتهم اليومية ما يعنى نفاد مدخراتهم الأساسية من ذهب ومجوهرات أو عملات أو مقتنيات غالية الثمن وببيع الأثاث والأدوات المنزلية يصبح واقع هذه الأسر على المحك فقد يجدون أنفسهم في مهب الريح .

إقرأ أيضاً  عمالة الأطفال في رمضان

 

    تدهور المستوى المعيشي للأسرة

ويؤكد الدكتور محمد قحطان استاذ الاقتصاد بجامعة تعز أن القدرة  الشرائية  لليمنيين  تدهورت  بصورة  حادة  للغاية , إذ  أن  طول  فترة  الحرب  أدت  الى  استنزاف  مدخراتهم  نظرا  لتوقف  رواتب  العاملين  مع الدولة  وتأثر  قطاع  الأعمال  بسبب  الحرب , الأمر  الذي  تسبب  في  انعكاسات سلبية   لمدخول  أكثر  من 4  مليون  أسرة , ما  يعني  توسع  رقعة الفقر  وحدته  وبالتالي  تدهور  مستوى  معيشة  الأسرة  اليمنية  وتوسع  حدة  معاناتها .

وللآسف  لا يقتصر  الأمر  على  الدخول  من الرواتب  والأجور  الخاص  بالعاملين  بل  يشمل  التدهور  جميع  الخدمات  العامة وكل  ضروريات  الحياة , إذ  توقف  العمل  بشبكات  الطاقة  الكهربائية  وشبكات  المياه  للاستخدامات  المنزلية  وارتفعت  اسعار  النقل  والمواصلات  وكافة  السلع  الضرورة  بنسب  عالية  وشحت  السيولة  النقدية ,وبدأت  بعض  مناطق  اليمن  تعاني  من  المجاعة  وهناك  مؤشرات تؤكد  اتساع  رقعة  المجاعة  كأعلى  مظهر  من مظاهر  التدهور  لمعيشة  الأسرة  اليمنية .

وحسب  تقديرات  دولية  فإن  أكثر  من 8 مليون  نسمة  بحاجة  لمساعدات  إغاثية بسبب  انعدام  الدخل  وفقدان  القدرة  الشرائية  لشريحة  واسعة  من السكان .

فيما 8  ملايين يمني فقدوا مصادر دخلهم، بينهم 7 ملايين شخص يعملون في القطاعين الخاص و غير المنظم وبالأجر اليومي , وأكثر من مليون و200 ألف من موظفي الدولة دخلوا ضمن عداد البطالة مع توقف  تسليم مرتباتهم منذ أغسطس الماضي.

مؤشرات المجاعة

ويشير فضل منصور الأمين العام لجمعية حماية المستهلك  الى ان اليمنيون  يواجهون ظروفا معيشية باتت أقرب الى سجن كبير لا حيلة أمام القابعين فيه من ترقب وانتظار الموت في أي لحظة .. فمن انعدام شبه تام للخدمات العامة الضرورية الى شحة المواد الغذائية الأساسية وارتفاع اسعارها بشكل جنوني خارج نطاق قدرة أكثر من 85% من السكان الذين قذفت بهم الحرب الى دائرة الفقر، وبروز مؤشرات مجاعة في أكثر من منطقة يمنية، وتوقف صرف مرتبات موظفي الدولة للشهر الثامن على التوالي.

  • مؤكدا أن أكثر من 17 مليون يمني أصبحوا غير قادرين على اطعام أنفسهم بشكل كاف، وباتوا مجبرين على اختصار الوجبات الغذائية الضرورية، كما أن 7 ملايين يمني لا يعلمون من أين ستأتي وجبتهم التالية وهم أقرب الى المجاعة أكثر من أي وقت مضى، وارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد والوخيم خاصة بين الأطفال والذين ارتفعت نسبتهم بنسبة 200% وفقا لإحصاءات اليونيسيف.

ختاما

يعتبر نفاد مدخرات المواطنين اليمنيين بعد أن توقفت رواتبهم منذ أكثر من تسعة أشهر بمثابة انهيار سياج الأمان الأخير الذي كان يحميهم من السقوط في مستنقع المجاعة والموت جوعا ، لذا يتطلب على الحكومة الشرعية سرعة إغاثة المواطنين من خلال صرف مرتبات الموظفين  المتأخرة والاستمرار في صرفها بشكل منتظم إلى جانب وضع حلول عاجلة لمن فقدوا أعمالهم ممن لا يملكون وظائف .

مقالات مشابهة