المشاهد نت

الازمة الخليجية بعيون يمنية: انعكاسات سلبية على مسار الحرب والملف الاغاثي أبرز المتضررين

قادة مجلس التعاون الخليجي

المشاهد – خاص -معاذ الحيدري:
يبدو ان الأحداث الدراماتيكية السياسية التي شهدتها اليومين الماضيين، والتي تمثلت بإعلان كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر واليمن فيها قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، أدخلت المنطقة في منعطف حاد من التوتر.
هذا التطور السياسي في البيت الخليجي، وغير المسبوق ربما، ما زال يأخذ مساحة واسعة من الجدل على مستوى الساحة السياسية الإقليمية والدولية، وما بين ساعة وأخرى تتطور مواقف وتظهر مواقف أخرى، بعضها تصب في اتجاه تطور الازمة، خصوصا تلك التي تؤيد قطع العلاقة او تعلن قطع علاقتها مع الدوحة كدولة موريتانيا مثلا.
بالمقابل هناك مواقف وتحركات سياسية من قبل دولة الكويت لاحتواء الازمة التي يؤكد كثيرون ان اليمن سيكون المتضرر بدرجة رئيسية، بحكم ان هذا الخلاف جاء في ظروف استثنائية وفي وقت يتحمل الخليج مسالة حسم الازمة اليمنية والحرب التي تعصف به منذ أكثر من عامين ونصف.
ولنأخذ النقطة الأكثر تأثيراً في الشأن اليمني، وهي قرار «التحالف العربي» بقيادة السعودية، والذي يخوض حربه في اليمن منذ مطلع 2015م، القاضي بإعفاء قطر من عضويته، وهذا من شأنه أن يغير من سير العمليات العسكرية والسياسية في اليمن بحكم العلاقة والتأثير القوي الذي تتمتع به قطر لدى أكبر الأطراف السياسية والعسكرية اليمنية، وهو حزب «الإصلاح»، الذراع «الاخواني» في اليمن.
وتتباين مواقف كثيرة وقراءات سياسية مختلفة بهذا الشأن، فهناك من يرى ان الخلاف سيكون له انعكاس سلبي وكبير على مسار الحرب في اليمن وقد يعمل هذا التطور على تأخر مسالة حسم الحرب بشكل ا باخر. في حين هناك من يرى العكس، وان فتور هذه الحرب وترهلها إن لم يكن توقفها قد يكون أمراً متوقعاً؛ فقطر لن ترفع يدها ببساطة عن اليمن على الأقل خلال الأشهر القليلة المقبلة، برغم شدة الخناق الذي يلتف حول عنقها اليوم، دون أن تجد لها عوناً ولا ظهيراً، فأذرعها المالية والإعلامية والتأثير الفكري لحركة «الإخوان» ضاربة بجذورها في اليمن حسب مراقبين.
الكاتب الصحفي نبيل الصوفي، وفي حديثه لــ “المشاهد” عن انعكاسات الازمة الخليجية، على الازمة اليمنية، يقول: “سيكون التأثير متأخر، اما الان فالذي سيحدث فقط سيتراجع الاهتمام بها من قبل مموليها الاساسيين، مثل السعودية وقطر والامارات، ولكن بعد تجاوز الاطراف الصراع المباشر فان كيفية النهاية لهذه الازمة ستحدد كيف سيتعاملون هم مع اليمن، ان تصالحوا سيعودون للحرب معا، وان عاد كل منهم الى قواعده سالما فستكون اليمن هي الميدان الذي سيتصارعون فيها”.
وبشأن النقطة الجدلية والمتعلقة بالتهمة التي وجهت لقطر من قبل السعودية والتي قالت فيها ان قطر تدعم جماعات الحوثيين في اليمن وجماعات التطرف والإرهاب، يقول الصوفي: “قطر لا تدعم الأفكار، هي ليست السعودية، بمعنى ان لها اهتمام بدعم التوجهات الفكرية المعينة ورفض التوجهات الاخرى، هي تدعن الفاعلين السياسيين بغض النظر عن انتمائهم الفكري، وهي لا تدعم الاخوان كجماعة فكرية، بمعنى انها غير مهتمة بدعمهم لنشر فكرهم، لا هم ولا الحوثي ولا غيره. هذا تفعله السعودية وليست قطر. قطر تعمل في السياسة، ولذا تدعم الادوات السياسية التي قد تتفق معها هنا او هناك، الان الامارات هي من تدعم السلفيين علنا في اليمن. والسعودية تدعم الاخوان علنا أيضا. دور قطر في اليمن يكاد يكون هامشي جدا الان، وكل الحضور هو للسعودية والامارات”.
من جهته يقول الناشط السياسي، محمد المقبلي: “اليمن بناء على قراءة الذهنية الخليجية من خلال افكار ستتأثر سلبا لان اي خلاف في البيت الخليجي يكسر الاجماع الخليجي تجاه اليمن واستبعاد قطر استبعاد لعنصر فاعل ومؤثر في المعركة اليمنية اعلاميا وتنموياً وسياسيا وعسكرياً”.
ويضيف المقبلي لــ “المشاهد”: “ستتأثر ملفات كثيرة أبرزها الملف الاغاثي والملف العسكري والملف السياسي والملف الإعلامي، والاجماع الخليجي مهم لحسم المعركة في اليمن، ولنتذكر عندما انسحبت قطر من المبادرة الخليجية فشلت التسوية السياسية لان قطر كانت تدرك ان بقاء صالح في المشهد السياسي سيفشل العملية الانتقالية، وانسحابها من عمليات التحالف بعد استبعادها سيخلق ارتباك سياسي وعسكري لأسباب كثيرة من بينها ان فهم قطر للإشكالية اليمنية قديم جدا من منتصف التسعينات وحضورها في حروب صعدة وفي الثورة وغيرها، وسيخل بالتوازنات السياسية خصوصاً مع ذهاب الامارات لدعم التيارات غير المتصالحة مع الديمقراطية”.
يتفق الصحفي نبيل الشرعبي، مع بعض ما يطرحه المقبلي، ويقول ان الانعكاس السلبي سيكون على مستويات عدة أبرزها رعاية ملف المصالحة اليمنية، وكذلك ربما ووفق اعتقاده الشخصي الاضطرار إلى عدم حضور أي جلسات مفاوضات ترعاها دول خارجية، جراء الانشغال بتطورات الأزمة الخليجية.
المستوى الاخر، والذي يراه الشرعبي انعكاس سلبي، سيتمثل بتوقف الدعم الاقتصادي لليمن بشكل شبه كلي ومثلها المعونات التي كانت تتدفق لليمن
على شكل معونات انسانية ويستفيد منها كافة أطراف الصراع في اليمن. بينما المستوى الثالث سيكون انعكاس غير مباشر، حيث عرقلة الشروع في اي مفاوضات بخصوص الازمة اليمنية، سينعكس على اطالة امد الحرب، وانحدار الوضع الانساني إلى مستويات أكثر كارثية، حسب رؤيته.
ويضيف الشرعبي لــ المشاهد بشأن التغييرات التي ستعصف بالمشهد السياسي اليمني العام، قائلا: “وقوف طرفي الصراع اليمني كلٍ إلى جانب تكتل من خليجي سيخلق مزيد من العداءات لليمن مهما كان الطرف الذي سيقف إلى جانبه كل طرف من أطراف الصراع اليمني، قوي أو العكس فإنه يقود إلى فرز للأوراق والتصنيف بالعدو، وهذا سيكون له ابعاد مستقبلية ستدفع اليمن فاتورة باهظة حيالها، مثل الذي حصل في حرب الخليج مع العراق”.
عكس ذلك تماما، ترى الصحفية الجنوبية، كفى الهاشلي، ان الامور التى يراها البعض سيئة بسبب المكاشفات الخليجية هي جيده وتصب في مصلحة اليمن.
وتقول الهاشلي لـ “المشاهد”: “الدعم المقدم للإخوان المسلمين من قطر والمعطل بشكل سيء في اليمن سيتوقف، فمنذ عامين والحرب في اليمن تسير بخطوات غريبه لا جيوش تقدمت وحسم الامور من قبل المحسوبين على الإصلاح،
ولا الاغتيالات توقفت لرموز قياديه في الجنوب اي ان الجهة التى تقف خلف ذلك هي مدعومة وبقوة ومخترقة الرئاسة اليمنية وهذا ما قلناه ونقوله منذ عامين وبهذه الضغوط التى تمارس حاليا على قطر يعني ان خيوطها في اليمن ستكون تحت المهجر ان لم تقلع من مواقعها، وبالتالي خروج اليمن إلى تسويه سياسية لإنهاء الحرب، سواء اخضاع الحوثيين المدعومين من إيران حليف قطر واخضاع الاصلاح المعطل في حكومة الشرعية والمدعوم من قطر”.
ومن وجهة نظر الصحفي والناشط السياسي، محمد سعيد الشرعبي، لن تنعكس الأزمة الدبلوماسية الخليجية على الأزمة اليمنية بشكل كبير، وبالذات بعد إعلان الحكومة قطع العلاقات مع الدوحة فور إعلان إنهاء مشاركة قطر في التحالف المساند للشرعية.
ويقول الشرعبي “في حال تصاعدت الأزمة الخليجية قد تنعكس على موقف دول في التحالف إزاء قيادات وأحزاب يمنية، وتحديداً المرتبطة بدولة قطر، اولهم، الإصلاح، رغم إعلان تأييدهم قطع العلاقات مع الدوحة، والتحالف العربي بحاجة القوى السياسية اليمنية من أجل استكمال المعركة ضد مليشيات الحوثي وصالح، وهناك رؤية عسكرية موحدة ورؤى سياسية أحادية غير متطابقة لدول التحالف”.
ويضيف لــ “المشاهد” “هناك موقف إماراتي واضح مناهض لحزب الإصلاح على خلفية دورهم في الجنوب، وسيطرتهم على مفاصل الدولة، فيما السعودية لم تحدد موقفها حتى اللحظة من ذلك، وهذا ما يجعل الحزب في حالة الطمأنينة. وانا اتمنى انتهاء الأزمة الخليجية، وعدم انعكاس تبعاتها على الواقع اليمني نظراً لطبيعة تعقيدات المعركة بين الشرعية والانقلاب”.
ويعتقد كثيرون في جنوب اليمن أن الضربات الأخيرة التي تلقتها دولة قطر ستصب في مصلحتهم، باعتبار أن قطر هي الداعم الأول لحزب «التجمع اليمني للإصلاح» (جناح الإخوان المسلمين في اليمن). ويرى البعض أن تحجيم الدور القطري سيسهم في انحسار المشكلات في عدن والمحافظات المجاورة لها، وسيقرب أصحاب مشروع “فك الارتباط” أكثر من هدفهم، ذلك أن السعودية التي كانت، بحسب بعض الآراء، تهادن “الإخوان” وتراهن عليهم، باتت مطالبة اليوم بتحديد موقف منهم، باعتبارهم الأداة لتنفيذ المشروع القطري في المنطقة.
يبدو أن الأمور تتجه إلى فرز واضح الملامح وخالٍ من المواقف الرمادية، وهذا ستترتب عليه أمور جيدة من ناحية، وأمور مخيفة من ناحية أخرى، ويشير مراقبون الى إن الأزمة الخليجية وهي تنحو هذا المنحى الوعر، ستكون على موعد مع تطورات يصعب التنبؤ بخواتيمها، وبالذات في الشأن اليمني المضطرب أصلاً.

مقالات مشابهة