المشاهد نت

وجبات رمضانية تغيب عن موائد الموظفين في صنعاء

وجبة الشفوت

المشاهد – فؤاد محمد-خاص :

أمام تردي الوضع المعيشي الذي تشهده العاصمة صنعاء خصوصا مع انقطاع رواتب الموظفين في القطاع الحكومي منذ ثمانية أشهر لجأت “أم إسكندر” للاستغناء عن وجبات إفطار كانت ملازمة لمائدتها الرمضانية بشكل دائم.

“أم إسكند” تعمل في حقل التعليم بمدرسة زينب للبنات، وتسكن في حي هبرة بصنعاء في منزل بالإيجار تؤكد أنها للمرة الأولى منذ أن أتت للحياة تجد مائدة رمضان لديها بدون وجبة الشفوت، فهي ترى أن الشفوت أهم وجبة رمضانية لديها.

تقول: لـ”المشاهد”: “رمضان بدون شفوت ماهو رمضان، وأنت داري أن الواحد مايرغب في الفطور الا للشفوت، وهي عندي أهم من كل الوجبات، لكن ما عاد قدرنا نشتري حبة لحوح، ولا قدرنا نوفر حتى حق الزبادي، وكودا نسوي لنا رز وشوية طبيخ وفتة وقد احنا أفضل من غيرنا”.

تعتبر وجبة الشفوت من أشهر الوجبات الرمضانية في اليمن خصوصا في صنعاء، وهي وجبة يتم إعدادها من اللحوح (أرغفة تصنع من حبوب الذرة) إضافة إلى الزبادي والسلطات المختلفة.

وغالبا ما تلازم المائدة الرمضانية في صنعاء وجبات متنوعة كالسنبوسة والشوربة والمكرونة والحلويات الصنعانية مثل الرواني والشعوبية، وهي حلويات يقبل الناس على شرائها أكثر في شهر رمضان.

آلاف الأسر

ليست أم إسكندر وحدها من وجدت مائدتها الرمضانية بلا “شفوت” بل هي نموذج واحد لكثير من الأسر في صنعاء خصوصا من فئة الموظفين الحكوميين، تخلت عن وجبات كانت تراها أساسية في الإفطار ومنها السنبوسة والشوربة والمكرونة وغيرها بسبب تردي القدرة الشرائية لديهم.

محمد العروري – موظف كهرباء – يقول إنه لم يحل عليه رمضان بعد، لأنه يرى أن رمضان لديه مرتبط بوجبات أفضل مما هي في غير رمضان، حتى التمر – بحسب محمد – لم يستطع توفيره في وجبة الإفطار.

ويضيف: “والله لم أجد حتى حق التمر لعيالي في رمضان .. أيش هذا من حال .. ربنا ينتقم ممن وصلنا إلى هذا الوضع”.

ويتابع والألم يرتسم في محياة “كل رمضان يجي وقد وفرت على الأقل نصف الطلبات الضرورية، لكن هذي المرة كودا وفرت الخبز وشوية رز، والمشكلة أن احنا موش عارفين متى بانتخارج من هذا الوضع المزري”.

يأمل أيمن أن تنتهي الحرب بأي وسيلة كانت لأنه لم يعد يحتمل منظر أبنائه وهم بلا أكل يليق بهم في رمضان .. “والله إن الموت أهون علينا من هذا الوضع .. لأول مرة أعيش رمضان هكذا منذ عرفت نفسي، والمشكلة أن عاد الكل يهدد ويتوعد”.

من جهته أيمن القفيل – أب لأربعة من الأبناء ويعمل في قطاع التربية والتعليم معلم – اضطر لاستئجار عربية لبيع الموز عليها في سوق الجبلي بصنعاء لتغطية حاجيات أسرته في رمضان بعد أن انقطع الراتب عنه للشهر الثامن على التوالي.

يقول: “الشفوت والفيمتو والتانج والمكرونة هذي كانت موض قديمة، أما اليوم لو حصلت حبة تمر على الفطور فأنت شاطر .. اعطونا نصف راتب والله مادرينا كيف نعمله ولا فين نوديه”.

إقرأ أيضاً  «معارض رمضانية» تخفف معاناة المواطنين بحضرموت

ويضيف: “الوضع كارثي .. أنا مدرس والآن أبيع موز من أجل أوفر صرفتي أنا وعيالي، والله ماعاد نفكر في أي شيء غير كيف نأكل ونشرب، حتى المؤجرين أجبرناهم على نسيان الإيجار.. ماقد عرفنا هذا الوضع من حين خلقني الله”.

 

أول رمضان في الإسلام

الحال نفسه لدى كمال الشرعبي – صحفي – لكنه رد على تساؤلات “المشاهد” بطريقة ساخرة قائلا: “‏رمضان هذه السنة مثل أول رمضان في الإسلام .. لا رواتب ولا كهرباء ولا تلفزيون ولاسمبوسة ولا مسلسلات ولا فيمتو بارد .. مافيش الا غزوات!”.

وأضاف: “الحقيقة الوضع يخنقنا .. كنا سابقا نشتكي من عدم انتظام الحوافز أما الرواتب فهي تأتي بشكل روتيني لكننا اليوم فقدنا الرواتب والحوافز حتى العمل مع القطاع الخاص”.

الشرعبي أكد أنه هذه المرة اضطر للاستغناء عن عدد من الوجبات التي كانت تلازم مائدته الرمضانية منها الدجاج والسنبوسة والمكرونة، وهي وجبات كانت بالنسبة له ضرورية في رمضان حسب تأكيده.

ويضيف: “ربما أكون أنا أفضل من غيري لكن أعرف أسر ليس أمامها سوى الخبز والماء، والمشكلة أن هذه المأساة تتضاعف في ظل تراجع دور الجمعيات الخيرية التي قد تجد نفسها أمام فشل في تحقيق أدنى مستوى من تقديم المعونات الغذائية للمحتاجين، لأن كل الناس أصبحوا محتاجين”.

 

موائد بديلة

لكن صلاح القديمي – ضابط بالقوات الجوية وأب لثلاثة أبناء – يؤكد أنه وأمام انقطاع الرواتب لجأ لإدخال موائد لم تكن مهمة بالنسبة لهم في رمضان لتعويض النقص الذي حصل في بعض الموائد مثل الفتة والرز والسلتة.

يقول: “كنا نكتفي بالوجبات الرمضانية مثل السنبوسة والشفوت والشربة والمكرونة وبعض الحلويات مثل المحلبية أو الجيلي، ولم نكن نستخدم الرز إلا في حال جاءنا ضيوف”.

ويتابع: “الآن اختفت كل تلك الوجبات التي كانت أساسية بالنسبة لنا في رمضان بسبب عدم قدرتنا على شرائها، وعدنا للوجبات التي نستخدمها في غير رمضان، مثل الرز والفتة والسلتة، وأصبحنا متكيفين على هذا الوضع، وهذا هو رمضان الآباء والأجداد”.

ويعيش الموظفون في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي أوضاعا صعبة جراء انقطاع رواتبهم منذ سبتمبر من العام الماضي وتخلي الحوثيين عن تسليم المرتبات ونكث الحكومة الشرعية بوعودها بتسليم المرتبات بسبب ما تقول إنه رفض من قبل الحوثيين لتسليم إيرادات المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى البنك المركزي في عدن.

وفيما تقول الحكومة الشرعية إنها تسلم شهريا رواتب موظفي الدولة لموظفي القطاع المدني في المناطق المحررة، بدأت جماعة الحوثي تسليم نصف راتب لموظفي الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرتها وبطاقات تموينية يتم بموجبها الحصول على مواد غذائية بقيمة 30% من الراتب.

مقالات مشابهة