المشاهد نت

عشرات الأسر المهجرة من “تبيشعه” تعيش أوضاع إنسانية صعبه في ظل غياب للمنظمات الدولية.

المشاهد – خاص – حمدي رسام

لجأت مئات الأسر الي النزوح الجماعي في صورة من صور التهجير القسري التي تمارسها جماعة الحوثي وقوات صالح بحق المدنيين ، حيث استقرت عشرات منها برحالها في مدرسة اليرموك وسط حي وادي الدحي غرب مدينة تعز ، قادمة من حيث يستخدم الحوثيون وحلفاؤهم أبشع أدواتهم لتهجير المدنيين وطردهم من منازلهم .
تروي إيمان محمد 45 عاماً ، قصة مأسأتها مع أطفالها الخمسة للمشاهد بالقول : ” اجبرنا الحوثيون على الخروج من منازلنا، وخرجنا بملابسنا التي نرتديها وتركنا ممتلكاتنا وكل ما نملك “.
وكانت الجماعة وحلفاؤها قد استنفرت قواها وعتادها لاقتحام قرية “تبيشعه ” ، واحدة ضمن أكثر من عشر قرى في ريف بلاد الوافي المحاصرة منذ اشهر بمديرية جبل حبشي غربي المدينة ، حيث تمكن مسلحوها، مع انبلاج فجر الجمعة ، من دخولها إثر هجوم عنيف استخدمت فيه مختلف الأسلحة والعربات .
ومع حلول الحادية عشرة مساء السبت ، وكعادتهم في نقض عهود الأمان ، إختار الحوثيون ستة منازل لإخلائها وتفجيرها بصورة قضّت مضاجع النّوام ، انتقاماً من نحو 500 أسرة ، مجموع أُسر القرية ، وإمعاناً في إذلال أبنائها وإجبارهم على مغادرة القرية بالطريقة التي يفضلونها في تركيع الناس وتهجيرهم .

عشرات الأسر المهجرة من "تبيشعه" تعيش أوضاع إنسانية صعبه في ظل غياب للمنظمات الدولية.
مهجرين من ابناء قريه تبيشعه بعد مغادرتهم لمنازلهم

وما أن انقشع الظلام ، حتى كانت الأسر التي قضت نصف ليلتها في هلع يستعصي على الوصف ، قد حزمت حقائبها الخفيفة استعداداً لرحلة نزوح جماعية وشاقّة تمتد لنحو خمس ساعات مشياً على الأقدام وسط الوديان وعلى سفوح الجبال وبين أشجار الشعاب ، وصولاً إلى قرية ” ميلات ” حيث الخط الواصل بين منطقة الضباب وتعز المدينة التي سبق طرد الحوثيون منها قبل نحو عام .
غادرت الأسر المكلومة منازلها ولا شيء يعنيها أكثر من حاجتها للبقاء بمكان آمن بعيداً عن كل صور الرعب والمآسي الماثلة بعيون أبنائها حتى اللحظة جراء الفظائع التي عاشوها على أيدي مسلحي جماعة الموت في أوديتهم، حيث مزارع الطماط على وشك الحصاد .

انتهاكات و تهجير قسري
يمارس مسلحو جماعة الحوثي وقوات صالح بحق المدنيين انتهاكات ترقى الي جرائم حرب بحق المدنيين الذين يتعرضون لسياسات التهجير القسري .
يقول أحمد على القحطاني البالغ من العمر 55 عاماً : ” دخل الحوثيين الساعة الثالثة فجر الجمعة وانتشر مسلحوها في القرية . ومع صلاة الجمعة أوعدونا بعدم التعرض لنا بسوء، لكننا استيقظنا مساء السبت على أصوات انفجارات فظيعة هزت القرية وأرعبت كل من فيها ، حيث قام الحوثيين بتفجير ثلاثة منازل لمواطنين في القرية سقط على إثرها ثلاثة آخرين “.
ويضيف احمد ” نادوا علينا عبر مكبرات الصوت للخروج من بيوتنا وامهلونا الي الظهر واذا لم نخرج خلال هذه المدة فانهم سيقتلون اي شخص يخرج بعد هذا الوقت، فاخذنا ملابسنا وخرجنا مكرهين من بيوتنا، وقضينا خمس ساعات في الخروج مشيا على الاقدام، وقد تعرض بعض المواطنين للقنص كما حدث لاحد المواطنين اسمه محمد سعيد “.

وفي حادثة اجرامية وانتهاك صارخ للقوانين الانسانية والدولية ، يروي الشاب خليل محمد مهيوب للمشاهد قصة مقتل أحد أقاربه ، حيث يقول : ” قبل يومين من نزوحنا ، تم قنص ابن عمي محمد سعيد الساعة 9 صباحا وهو في طريقه الي البقالة ، وحاول بعض السكان اسعافه لكن الحوثيين منعوهم واطلقوا عليهم الرصاص وظل ينزف حتى السادسة مساءً ، وبعد مفاوضات مع الحوثيين لأخذ جثته، وافق الحوثيون شريطة أن يخرج نساء فقط لأخذ جثته “.

إقرأ أيضاً  مبادرة مجتمعية تنجز صيانة طريق بطول 32 كيلو مترا

أوضاع إنسانية صعبة وغياب للمنظمات الدولية
تعيش الاسر النازحة في وادي الدحي أوضاع إنسانية صعبة في ضل غياب تام لمنظمات الاغاثة الانسانية الدولية ، وعدم صلاحية المدرسة لإيوائهم ، حيث تفتقر المدرسة للحمامات والفرش فضلاً عن كونها مكان لدراسة طلاب الحي الذين يرتادونها .
” لا يوحد لدينا سكن ولا غذاء ، ولنا يومين هنا لا نحصل الا على وجبه واحدة ، ولا يوجد لدينا مكان ننام فيه ، ولم تصل الينا اي منظمة دولية لم نحصل على اي مساعدة عدا مبلغ عشرة الف تسلمتها من مسؤول الاغاثة في جمعية الاصلاح . كل ما نريده مكان ننام فيه وكسرة خبز نسد بها جوعنا، لا نريد شيئا اخر”. هكذا عبرت ايمان محمد عن حالتها بدموع تملؤها الحسرة والالم.
من جانبه يقول احمد على القحطاني : ” نعاني من عدم وجود اماكن ونضطر الي تسكين ثلاث أسر او اكثر في الشقة الواحدة من شقق بعض الأقارب الذين استضافونا مؤقتاً ، حيث أن عائلتي تتشارك شقة مع عائلتين أخريتين ”
ويؤكد ” لم تصل لنا الا جمعية الاصلاح التي وزعت لنا مفروشات وبطانيات للأسر التي قدمت في اول يوم”.
وببالغ الحسرة والألم ، يتساءل هائل سعيد البالغ من العمر 35 عاما الذي نزح هو واسرته : هل نحن بشر ؟ واذا كنا كذلك ، فلماذا لا احد يلتفت لمعاناتنا ؟ ما الذنب الذي اقترفناه ليتم تهجيرنا من بيوتنا ؟!
ويضيف ” انا واسرتي بدون مأوى ولا غذاء ولا املك ريال واحدا”.
من جانبه يتحدث فؤاد سيف عبدالفتاح مسؤول الاغاثة في منطقة وادي الدحي التابع لجمعية الاصلاح الخيرية ” بالأمس تم استقبال ما يقارب 100 اسره من الأسر المهجرة من منطقة تبيشعة ، حيث تم توزيع فرش وبطانيات وادوات صحية لهم ، لكننا اكتشفنا ان هناك أسر آخرى قدمت الي المنطقة ، حيث استقبلنا اليوم اسر جديدة وبلغ عدد الأسر حتى الان في مدرسة اليرموك 118 اسرة ولا زالت الاسر تتوافد الي المكان ”
ويستطرد ” حاولنا ان نوجد لهم المأوى فعملنا على تسكين بعض الاسر في البيوت المجاورة حتى ان بعض البيوت تتشاركها 5 اسر ، ولم نستطع تسكينهم في المدرسة بسبب عدم وجود مرافق الصرف الصحي والانارة “.

ويضيف فؤاد ” نطالب المنظمات الدولية بالقدوم الي المكان ومعاينة هؤلاء الأسر الذين هجرهم الحوثيون من قراهم ، حيث خرجت هذه الاسر ولا تملك الا الملابس التي ترتديها ، وبعض الاسر لم نستطع توفير فرش لهم فخرجوا للبحث عن كراتين ليناموا عليها.
الجدير بالذكر ان قرى بلاد الوافي التابعة لمديرية جبل حبشي تتعرض للحصار خانق وقاتل فرضته عليها جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق منذ نحو شهرين ، مما ضاعف من معاناة الأهالي وأحال حياتهم إلى جحيم ، حيث تضطر النساء لقطع مسافات طويلة عبر طرق فرعية ووعرة لجلب متطلبات الحياة لأسرهن وأطفالهن من غذاء وماء ودواء .
وتتخذ الجماعة وحلفاؤها من الحصار وتدمير المنازل وتهجير سكانها أسلوباً لترويع المواطنين ووسيلة لإخضاعهم والإنتقام منهم ، حيث درجت منذ بداية حربها على الشرعية على تفجير مئات المنازل وتهجير آلاف الأسر بطريقة قسرية وممنهجة تعكس سياستهم الإجرامية . ويقدر عدد النازحين جراء الحرب ب 2 مليون نسمة.

مقالات مشابهة