المشاهد نت

خميس المهمشين.. فرصة الحصول على قوت الأسبوع

نساء في احد شوارع صنعاء - المشاهد

المشاهد – نجيب العدوفي
صباح كل خميس يخرج المئات من المهمشين إلى شوارع العاصمة صنعاء، ويسابقون الضوء إلى أمام مختلف المحلات التجارية التي اعتادوا أن يحصلوا منها على مساعدات مالية، ويتنقلون من محل إلى آخر ومن شارع إلى آخر، ليعودوا بما يعينهم على العيش طيلة الأسبوع.
في شارع تتمركز الكثير من شركات الصرافة إلى جانب فروع البنوك والشركات المرتبطة بالكهرباء والمعدات الزراعية وغيرها، لذا فإن هذا الشارع يشهد تزاحم كبير لفئة المهمشين ومن يُعرفون في اليمن بـ”الأخدام”، وهي تسمية عنصرية فرضت على هذه الفئة العزلة الاجتماعية، دون أن تنخرط في المجتمع.
نساء وأطفال يسابقون الضوء
أم رنا تجوب مع أطفالها الخمسة مختلف المحلات التجارية بشارع تعز، وتقول لـ”المشاهد”: “في كل خميس نخرج لطلب الرزق، وأهل الخير يساعدونا لجمع الفلوس التي نصرفها على بقية أيام الأسبوع”.
أوضاع الحرب التي تعيشها البلد كان لها دورها في تضييق المعيشة على هذه الفئة حسب ما تقوله أم رنا، وتضيف: “كنت قبل الحرب أرجع كل خميس إلى البيت أنا وأولادي الخمسة ولدينا 8 الآلاف وأحياناً 10 الآلاف، أما الآن وبسبب الحرب وتوقف الحركة نرجع بـ3 الآلاف أو 4 الآلاف فقط”.
هذه المبالغ البسيطة التي تحصل عليها أم رنا في ظل الحرب لم تعد كافية لتوفير لقمة العيش طيلة أسبوع كامل، خاصة في ظل الارتفاعات السعرية، وتشير أم رنا إلى أنها تضطر مع أولادها للخروج إلى المطاعم القريبة من الحي الذي تسكنه للحصول على الأكل.
من جانبها أم يوسف تقول لـ”المشاهد” إنها في كل خميس تستيقظ قبل شروق الشمس من أجل ضمان التنقل بين أكثر من شارع في العاصمة، وتبدأ بالمرور على المحلات التجارية التي تفتح باكراً، وتظل تتنقل مشياً على الأقدام ما بين 7 إلى 8 ساعات.
وتضيف أم يوسف: “أمشي كل خميس ما بين 7 إلى 8 ساعات، وأحاول أن أحصل على أكبر قدر من المال الذي يعينني على توفير متطلبات أسبوع كامل، وبعد أن تغلق أغلب الشركات والمحلات التجارية أتجه نحو المطاعم للحصول على الأكل، ثم أعود إلى المنزل”.
أم يوسف تقول إن عمرها يتجاوز 45 عاماً، إلا أن الحاجة تجعلها نشيطة جداً، وبعزيمة قوية تمشي لمسافات طويلة، وتشير إلى أن غياب الدخل يجبرها على أن تتحمل التعب، فهي أمام خياران إما أن تتعب لتوفير لقمة العيش أو الموت جوعاً.

إقرأ أيضاً  من طقوس العيد.. «الحناء الحضرمي» صانع بهجة النساء
خميس المهمشين.. فرصة الحصول على قوت الأسبوع
أم مع أطفالها أمام أحد المحلات التجارية في لحظة انتظار المساعدة (صورة خاصة بـ”المشاهد”).

الرجال لا يحصلون على المساعدات
أغلب من يخرجون إلى الشوارع كل خميس هم من الأطفال والنساء، ونادراً ما ترى رجالاً بينهم، وفي ذلك يقول عبدالله حسين -أحد المنتمين إلى فئة المهمشين- لـ”المشاهد”: “نحن الرجال لا نحصل على المساعدات، وعندما نأتي إلى التجار يقولوا لنا (روحوا اشتغلوا)، والشغل منعدم ولا نجد أية فرصة للعمل”.
الحرب تقلص أعمال الخير
من جانب آخر يقول هاشم العليمي -مالك متجر في شارع تعز بصنعاء- لـ”المشاهد”: “لقد اعتدنا على أن يوم الخميس هو اليوم الخاص بفئة “المهمشين”، وعادة ما نقوم بتجهيز مبلغ من المال لتوزيعه على هؤلاء الذين يزورونا مرة في الأسبوع”.
العليمي يشكو أيضاً من تدهور الأوضاع وضعف حركة البيع والشراء، ويشير إلى أن ذلك انعكس أيضاً على أعمال الخير، حيث تقلصت المبالغ المالية الأسبوعية التي كانت تُدفع لهذه الفئة الأشد فقراً.

خميس المهمشين.. فرصة الحصول على قوت الأسبوع
أطفال ونساء يتسلمون مساعدات الخميس من مالك أحد المتاجر في شارع تعز بصنعاء (صورة خاصة بـ”المشاهد”).

العزلة الاجتماعية
فئة المهمشون في اليمن هي الفئة الأكثر فقراً، وتعاني من العزلة الاجتماعية، وأغلب أفرادها لا ينخرطون في المجتمع نتيجة عادات وتقاليد تمنع أبناء المجتمع القبلي من التعامل مع هذه الفئة، كما أن أغلب منتسبي هذه الشريحة لا ينخرطون في التعليم، ويعانون الأمية، لذا فإنهم يعملون في المهن الدنيا والتي عادة ما تكون محتقرة لدى الكثير من اليمنيين، حيث يعملون في قطاع النظافة كنظافة الشوارع والمرافق وغسل السيارات و”الحمالة”، وهي المهن ذات المردود المادي الضعيف.
العمل في البيوت ممنوع
من جانبه توفيق أحمد -أحد المنتمين لفئة المهمشين- يقول لـ”المشاهد” إن فرصهم في العمل ضئيلة جداً، حتى العمل في البيوت لا يمكنهم القيام بها، والكثير من اليمنيين يستقدمون “الأحبوش” للعمل في المنازل نتيجة أعراف اجتماعية وقبلية تمنع الأكل والشرب ومخالطة فئة من يُعرفون بـ”الأخدام”، ويشير توفيق إلى أن أيضاً مهنة “تنظيف السيارات” بات الصوماليون ينافسونهم بشكل كبير جداً.
التهميش في المسكن
في ذات السياق تقول البيانات الرسمية أن فئة المهمشين، ومن يُطلق عليهم بـ”الأخدام” يشكلون ما نسبته 5% من إجمالي السكان في اليمن، ويعيشون بالقرب من المستنقعات والأماكن التي تفتقر للخدمات الصحية، وعادة ما يسكنون في مناطق محددة في المدن، أو أطراف المدن ويبنون مساكنهم من القماش والكرتون أو الصفيح والعلب الفارغة وغالباً ما يكون من غرفة واحدة يسكنها عشرة أشخاص وتسمى تجمعاتهم السكنية بـ”المحوى”.

مقالات مشابهة